wasateah
المنتدى العالمي للوسطية
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
عدد الزوار page counter
"خطاب الكراهية والطائفية في إعلام الربيع العربي"
وليد حسني زهرة

ملخص كتاب

إني أكرهك..

"خطاب الكراهية والطائفية في إعلام الربيع العربي"

 

وليد حسني زهرة

الناشر: مركز حماية وحرية الصحفيين

عمان ــ الأردن

الطبعة الأولى ــ ايار 2014

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هدفت هذه الدراسة لمعرفة واستكشاف مضامين وأشكال خطاب الكراهية والتحريض الطائفي والتمييز في إعلام الربيع العربي، وقياس مدى التزام هذا الإعلام بالمعايير الدولية والمهنية ومدى إنخراطه في الصراعات السياسية الطائفية والمذهبية في دول الربيع العربي.

ورأت الدراسة ان خطاب الكراهية في إعلام الربيع العربي ليس بالخطاب الطاريء إلا انه بدا أكثر وضوحا وضغطا في مرحلة الثورات والإحتجاجات الشعبية وما بعدها، وتحول من كونه خطابا كامنا إلى خطاب ظاهر وضاغط بشكل خطر جدا في مراحل التحول التي تبعت سقوط أنظمة عربية"مصر وتونس نموذجا"، او في مرحلة التحول إلى صراع محلي أشبه بـ"الحرب الأهلية" على نحو ما تشهده سوريا.

وخلصت الدراسة إلى أن خطاب الكراهية في مرحلة الربيع العربي لم يعد خطابا محصورا فقط بالدول التي شهدت الثورات والصراعات مع انظمة الحكم المحلية، بل تعداها ليجتاح كل الدول العربية.

وترى الدراسة أن خطاب الكراهية في إعلام الربيع العربي اتسع وتشعب وانتشر بشكل واسع، وأصبح أداة خطيرة للتحريض على الآخر، وبدا وكأنه هو المحرك للسياسي وللشارع العربي خاصة في الدول العربية التي مرت في مرحلة تحول من الأنظمة البائدة إلى الأنظمة الجديدة ولم تشهد استقرارا حقيقيا حتى الآن"مصر، تونس".

وخلصت الدراسة إلى أنه تم استخدام الخطاب الطائفي وتوظيفه من قبل الأنظمة القائمة في مواجهة الإحتجاجات الشعبية من أجل عزلها وتشويهها باعتبارها إحتجاجات طائفية ومذهبية، لحرمانها من أي دعم شعبي"البحرين مثالا"، كما ان خطاب الكراهية قد تعزز في مواجهة الآخر من أجل تشويهه ونبذه.

وفي كل مشاهد الربيع العربي بدت المواجهة الحقيقية بين الإسلاميين وبين العلمانيين والليبراليين هي  المواجهة الأكثر استخداما لخطاب الكراهية، ولجأ الطرفان لتوظيف الإعلام في هذه المواجهة التي لم تخل من العنف والقتل، كما أكدت الدراسة على أن دخول التنظيمات الإسلامية"الجهادية" إلى ساحة الحرب في مواجهة الأنظمة القائمة قد عزز تماما من خطاب الكراهية والطائفية، وفي النموذج السوري فإن دخول المنظمات الإسلامية الأصولية الجهادية هو من فتح الباب على مصراعيه لتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة وفي الإعلام العربي عموما.

ورات الدراسة أن تحويل الصراع في مصر وتونس واليمن من صراع مع الأنظمة السابقة إلى صراع مع الإسلاميين أدى إلى تعزيز خطاب الكراهية والخطاب الطائفي والمذهبي، وتحول الصراع وبالضرورة إلى صراع بين متدينين وغير متدينين، بينما لم ينجح الإعلام العربي في امتحان الحياد، ووجد الإعلام العربي نفسه منحازا لأطراف الصراع، ولم يعد الإعلام مراقبا وموجها وحياديا ونزيها، بل تورط في المواجهات والصراعات وصار جزءا منها ومن حالة الإستقطاب الإعلامي والدعائي والسياسي، وهذا ما دفع به إلى استخدام ذات اللغة التي يستخدمها المتصارعون، وغرق في خطاب الكراهية، والتحريض، والحض على الطائفية  والمذهبية، والقتل، وإقصاء الآخر من أجل الإنتصار عليه"مصر، سوريا، تونس، ليبيا، اليمن، البحرين".

ومن اجل ذلك دفع الإعلام العربي ثمنا باهظا لهذا الإنحياز، فقد أصبح الإعلام متهما من قبل الناس، وفقدوا الثقة به، وساعد على انقسام المجتمع، خدمة للصراعات السياسية والمذهبية والطائفية.

وقالت الدراسة إن دولا عديدة ساعدت على تغذية خطاب الكراهية والطائفية والمذهبية، وتم نقل الصراع السياسي بين الدول إلى ساحات الحرب والمواجهات المحلية في دول الربيع العربي، وفي النموذج السوري والمصري واليمني والبحريني فإن هذه الدول بقيت هي المغذي الرئيسي لتلك الصراعات ولخطابها الإعلامي الذي يخدم تلك السياسات، وظهر ذلك واضحا في دعم دول الخليج العربي للصراع السياسي والإعلامي في مصر، وكذلك الحال في الدعم السعودي للصراع الطائفي والمذهبي في سوريا واليمن، وتدخل إيران في الأزمة السورية وذراعها العسكري "حزب الله"، والدفع بالالاف من المتطوعين من كل بقاع الأرض للقتال في سوريا وبدعم مشترك من السعودية وتركيا وايران والولايات المتحدة الأمريكية، والأردن ..الخ، مما أدى إلى تحويل الثورة السورية إلى فسيفساء غريبة من الصراع الطائفي والمذهبي، مما أدى ليس فقط إلى انقسام الشارع العربي، بل تحول الإعلام العربي عموما إلى أداة ضغط وتوجيه وتحريض.

وترى الدراسة أن الإعلام لعب في دول الربيع العربي وغيرها دورا تحريضيا منحازا بشكل لافت وضاغط، وظهرت بوضوح فضائيات عربية تضع كل إمكانياتها في خدمة طرف على حساب طرف آخر دون النظر لأصول العمل الصحفي والمهني" الجزيرة والعربية على سبيل المثال في دعمهما لإنقلاب العسكر على الرئيس المخلوع محمد مرسي الإسلامي، بينما تدعم الفضائيتان المتطوعين من كل بقاع الأرض للجهاد في سوريا ضد نظام الأسد، في معادلة لا تبدو مقبولة أو منطقية، لكن هذا الإنحياز المتناقض يكشف عن الأجندة السياسية لفضائيتي العربية والجزيرة على سبيل المثال لا الحصر.

وترى الدراسة أن القوانين المحلية أظهرت قصورا واضحا في معالجة خطاب الكراهية والتحريض على الطائفية والمذهبية، وبالرغم من وجود قوانين تجرم هذا الخطاب إلا أن الدول نفسها لم تلجأ لتطبيق تلك القوانين "الأردن، الكويت"، مما أدى بدعاة الكراهية والطائفية للإفلات من العقاب، بينما أدت كتاباتهم ونشاطاتهم إلى تعزيز الصراعات المحلية، وتعميق روح الكراهية داخل المجتمع.

وتقول الدراسة إنه وبالرغم من وجود اتفاقيات دولية ومعايير عالمية لحصر خطاب الكراهية والطائفية والمذهبية والتمييز، وبالرغم من توقيع معظم الدول العربية على تلك الإتفاقيات، إلا أن تفعيلها كان الأكثر غيابا لصالح الخطاب النقيض وهو خطاب الكراهية والتمييز، والطائفية والمذهبية..إلخ ، وباستثناء تجارب بسيطة لرصد خطاب الكراهية في الإعلام، فإن عملية الرقابة على مضمون المواد الإعلامية التي تتبنى خطاب الكراهية والتمييز والطائفية لا تزال متواضعة، وفي دول عربية عديدة لا تزال هذه الرقابة الإيجابية المطلوبة غائبة تماما، إن التجارب المصرية والتونسية واليمنية وحتى اللبنانية في هذا الجانب الذات بدت جيدة ومتميزة، إلا أنها تحتاج للمزيد من التجذير، فضلا عن الحاجة لتعميمها، ولتقوم مؤسسات مجتمع مدني متخصصة بمهمة رصد خطابات الكراهية في الإعلام المحلي لكل دولة على حدة، من اجل حصر هذا الخطاب ومعالجته ومكافحته والكشف عنه، ومن الحق الإنساني للجمهور معرفة الوسيلة الإعلامية التي تعتمد على نشر خطاب الكراهية، والتحريض الطائفي والمذهبي، والتمييز بين الناس سواء لجهة الدين، او العرق، او المذهب او اللون او الجنس.

ونظرت هذه الدراسة بامتنان لتجارب عربية من أجل رفض ونبذ خطاب الكراهية والطائفية في مجتمعاتها، وإن تجربة البحرين في وضع وثيقة نبذ الكراهية تشكل تجربة شعبية في غاية الأهمية، وكذلك مشروع بيان رفض الكراهية في الكويت، وهما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان شهدتا ميلاد مثل هذه التجربة، وكذلك الحال بالنسبة للأردن في مشروع"رسالة عمان" التي اعتمدت في الأساس على تعزيز قيم التسامح الإسلامي ونبذ الفرقة الطائفية والمذهبية وعدم تكفير الآخر دينينا ومذهبيا.

لقد أظهرت الدراسة أن قيم التسامح في العالم العربي وخاصة بعد الربيع العربي وصلت إلى أدنى مستوياتها، ولم يعد هناك مكان للتسامح بين المتصارعين، مما يستدعي إعادة النظر في كل المعطيات السياسية والفكرية والبرامجية التي تصدر عن هؤلاء، وكشفها وتصنيفها ونشرها بين الجمهور المتلقي ليكون على بينة منها ويحذرها، إن عملية التحريض وكيل الإتهامات والشتائم التي تنشرها العديد من وسائل الإعلام المنحازة لأحد أطراف النزاع بدت تؤثر سلبا على الشارع العربي، وفي مصر وسوريا فإن الإعلام قام بعمليات تحريض مباشرة ومكشوفة أدت إلى تعزيز الصراع وصولا إلى إشاعة العنف والإرهاب.

وأوضحت الدراسة أن العالم العربي دخل في مرحلة استقطابات سياسية وطائفية ومذهبية وقام الإعلام بدوره المباشر في هذا الجانب،مشيرة إلى أن هذه المرحلة ستفرض نفسها على العالم العربي وإعلامه ومجتمعه لفترة مستقبلية غير محدودة، وقد تنتج عنها الكثير من الظواهر السياسية والفكرية والإعلامية والإجتماعية الخطرة مستقبلا، وبالتالي تصعب معالجتها، كما أن ما يجري في سوريا ومصر على سبيل المثال قد أدخل الشعبين في حالة صراع داخلي، بعضه شخصي ثأري إلى أبعد الحدود، وبعضه الآخر ديني وطائفي إلى أبعد الحدود أيضا، مما يعزز لاحقا من روح الثأر بين أفراد المجتمع، وعلى الإعلام في هذا الجانب مهمة صعبة من أجل إشاعة روح التسامح والتعايش بين جميع فئات المجتمع وأطيافه ومذاهبه.

لقد أظهرت الدراسة أن الإعلام ساهم كثيرا في خلق أجواء عدائية ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين تحديدا، سواء على صعيد الإعلام في مصر او على صعيد الإعلام في الأردن، وقام الإعلام بإشاعة الكراهية ضد اللاجئين السوريين جراء ما تشهده بلادهم من صراع دموي، لقد كان الإعلام محركا مباشرا لحالة الكراهية التي أثرت على  اتجاهات مجتمعات بكاملها لكراهية اللاجيء وإظهاره مجرما، ومتسولا، وطامعا، وتاجرا ، وعميلا، وطارئا..إلخ.

وبحسب الدراسة فقد عزز الإعلام من حالة التمييز ضد المرأة، وفي الإعلام المصري أصحبت المرأة موضوع انتهاك، وموضوع كراهية"التحرش الجنسي على سبيل المثال"، فقد انشغل الإعلام المصري بتلك القضية بشكل كبير وقام بتعزيزها، فضلا عن كيله الإتهامات للمرأة في ميادين الإحتجاج الشعبي، وفي الأردن كان خطاب التمييز ضد المرأة واضحا برفض حقها الإنساني والدستوري بمنح جنسيتها لأبنائها من زوج أجنبي، وتم استخدام خطاب تمييزي مباشر تحت ذريعة التخوفات السياسية، وتم ربط هذه التخوفات بالهوية الوطنية الأردنية، والخوف من التغيير الديموغرافي الذي سيؤثر سلبا على هوية المجتمع الأردني الخالصة.

واكدت الدراسة على إن إشاعة خطاب الكراهية والطائفية في إعلام الربيع العربي يشكل إنتهاكا مباشرا لمنظومة حقوق الإنسان الدولية، مما يستدعي المحاسبة والمساءلة القانونية المحلية والدولية.

ودعت الدراسة في توصياتها إلى ضرورة الإعتراف أولا بوجود ثقافة الكراهية في إعلامنا ومجتمعنا، لأن هذا الإعتراف سيفتح الباب أمام المجتمع للتعامل مع هذه المشكلة باعتبارها حالة قائمة تحتاج لجهود الجميع من اجل تجاوزها ومعالجتها، بدلا من إنكارها وتجاوزها.

ودعت إلى تعزيز ثقافة التسامح باعتبارها أحدى المكونات الأساسية الأولى لثقافتنا العربية الإسلامية، وإحدى الفضائل الأخلاقية الإنسانية التي حثت عليها الأديان "الإسلام والمسيحية".

وشددت الدراسة على أن ثقافة الكراهية والحض على الطائفية هي مجرد أفكار بشرية اجتهد البعض بها وتم إلحاقها بالأديان باعتبارها جزءا منها، مما يستدعي الكشف عن تلك الأفكار وتفنيدها وطرحا للجمهور في التعليم المدرسي وحتى الجامعي، وإن القتل على أساس الطائفة والمذهب او اللون أو العرق أو الجنس ليس من تعاليم الإسلام والمسيحية، وإنما هي أفكار لأشخاص وجدوا الالاف يتبعون أفكارهم ويحملونها ويطبقونها.

وأوصت بالعمل مبكرا ومن الصفوف الدراسية الأولى في المدارس على إشاعة ثقافة التسامح والتعايش ونبذ الكراهية والعنف والطائفية باعتبارها أفعال لا تمت للدين بصلة، وعلى وسائل الإعلام مجتمعة تخصيص ساعات بث ومساحات نشر لتعزيز ثقافة الحوار والتعايش والتسامح مع الآخر.

ودعت الدراسة إلى تعزيز دور المساجد في إشاعة ثقافة التسامح والتعايش وأدب الإختلاف باعتبارها كلها قيم إسلامية سمحة دعا الإسلام اليها وحض عليها، وتشكل في مضمونها جزءا من رسالة الإسلام العظمى، وهذا يعني ضمنا استعادة دور المسجد الذي تحول في الفترة الأخيرة إلى مكان للتحريض على الطئفية وتعزيز ثقافة الكراهية.

وأوصت الدراسة بوضع قوانين وتشريعات اكثر صرامة وتشددا تجاه كل من يشيع او يتبنى ثقافة الكراهية والتحريض على الطائفية والمذهبية والتمييز، كما اقترحت قيام مؤسسات مجتمعية مدنية تعمل بمنهج علمي صارم على فضح وسائل الإعلام او كل شخص يتبنى خطاب الكراهية والتحريض الطائفي والمذهبي والتمييز، وتقوم هذه المؤسسات بنشر نتائجها وتوزيعها على الجمهور، لإن مثل هذا العمل الهام سيجعل دعاة الكراهية والطائفية داخل المجتمعات يراجعون حساباتهم ويتراجعون للخلف، خاصة إذا تم ربط هذه النتائج باحالتها إلى القضاء او المساءلة المجتمعية والإعلامية.

ودعت إلى تاسيس شبكات قانونية مجانية لتقديم كل الدعم القانوني والإستشاري المجاني لضحايا خطابات الكراهية والطائفية والتمييز، وقيام منظمات ومؤسسات بمراقبة التشريعات المتعلقة بحرية التعبير، للتفريق بين حرية التعبير وبين خطاب الكراهية والتحريض والتمييز والعمل على معالجة أية إختلالات في هذا الجانب من شأنها الإعتداء على حرية التعبير،وتولي مؤسسات مجتمعية مدنية وبالتعاون مع الحكومات ومجالس النواب واية قوى ضغط أخرى لتبني المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير، والمنسجمة أساسا مع حقوق الإنسان لتضمينها في القوانين الناظمة لحرية الإعلام.

واقترحت العمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الجمهور مبكرا واعتبار حقوق الإنسان مادة تعليمية أساسية في كل المراحل التعليمية، مضيفة إن عملا متواصلا تطوعيا للعمل مع طلبة المدارس في المرحلة الدراسية المتوسطة والثانوية لتدريبهم على ثقافة حقوق الإنسان، وتحديد وتحييد خطاب الكراهية سيساعد على إنشاء جيل جديد لديه ثقافة جيدة عن حقوق الإنسان، مما سينعكس على سلوك الأفراد في تعاملهم مع مجتمعهم المحلي.

واوصت الدراسة بتدريب الصحفيين والإعلاميين على منظومة حقوق الإنسان، خاصة تلك المتعلقة بالتفريق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، إن تلقي الصحفيين تدريبات موسعة على التفريق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية سيمكنهم من تحاشي الوقوع في استخدام خطاب وتعابير تدفع للكراهية والتمييز والتحريض الطائفي والمذهبي دون ان يدركوا ذلك، وتدريب محامين على كيفية التعامل مع القضايا المتعلقة بخطاب الكراهية وحرية التعبير للمساهمة في إنشاء شبكة واسعة من المحامين المتخصصين في هذا الجانب، يمكن الإستفادة من خبراتهم لاحقا في تقديم المدافعة المجانية عن المتضررين من خطابات التحريض والكراهية، فضلا عن الإستفادة منهم بالإنخراط في مشارع أوسع تستهدف الجمهور في المدارس وفي المناطق المحلية لتدريبهم على حقوق الإنسان وقيم التسامح والتفريق بين حرية التعبير وخطب الكراهية والتحريض.

وطالبت الدراسة باعتماد مبادي"كامدن" حول خطاب الكراهية في القوانين ذات الصلة بقانون المطبوعات والنشر وحرية التعبير، وعلى وسائل الإعلام مجتمعة او فرادى وضع معايير ومفاهيم واضحة لا تقبل التأويل في رسائلها الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمقروءة بحيث لا تثير أي لبس او تفسير بأنها تحتمل خطاب تحريض او تمييز او كراهية.

وفضلت الدراسة في توصياتها المتعددة أن يتم التعاون والتنسيق مع القضاة والبرلمانيين والموظفين الإداريين"وزارة الداخلية والمتصرفين والحكام الإداريين" لتدريبهم على منظومة حقوق الإنسان، وكيفية التعامل مع من يشيعون خطاب الكراهية والتحريض ضد الآخرين.

ودعت للعمل على تحول الدولة إلى دولة حكم مدني يقوم على مبدأ العدالة بين جميع أفراد المجتمع، وتكافؤ الفرص لأن من شان  ذلك تضييق هامش الصراعات الداخلية بين أفراد المجتمع الذين تحكمهم جميعا مباديء وقيم العدالة المجتمعية.

واقترحت الدراسة في ختام توصياتها أن يبدار المجتمع والنشطاء في كل المجالات لصياغة وتبني وثيقة وطنية لنبذ العنف والكراهية والطائفية وكل أشكال التمييز قائلة إن توافق المجتمع على وضع مثل تلك الوثيقة وطرحها على جميع المواطنين للتوقيع عليها سيساهم في إشاعة ثقافة نبذ الكراهية والعنف والتحريض بين الجميع، وستشكل في حد ذاتها أرضية صلبة ونواة لعمل مجتمعي مدني أوسع على مستوى الوطن بكامله.

وتضم الدراسة سبعة فصول جاءت تباعا في سياقات التوقف امام ظاهرة خطاب الكراهية في إعلام الربيع العربي وتحليلها، وعرض نماذج من ذلك الخطاب.

وبحثت الدراسة في الفصل الأول المفاهيم الملتبسة في خطاب الكراهية من القانون الدولي الى القوانين المحلية، وتوقفت امام ما ورد من مفاهيم مناهضة لخطاب الكراهية والتحريض في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وتوقفت الدراسة سريعا أمام ما ورد في الدستور الأردني وقانون المطبوعات والنشر من نصوص دستورية تجرم خطاب الكراهية، وأوضحت الدراسة بأن التشريعات الأردنية والدستور لم تستخدم عبارة"ألكراهية" مباشرة ، وإنما استخدمت عبارات أخرى لصيقة تماما بمدلولات خطاب الكراهية وفقا لما ورد في الشرعة الدولية من تعريف لها.

وتوقفت الدراسة أمام مباديء كامدن الدولية المتعلقة بتعريف مفهوم خطاب الكراهية وكيفية التعامل معها، مشيرة إلى أن هذه المباديء لا تزال في معظمها بعيدة عن التطبيق في العالم العربي.

وقالت الدراسة إن مصطلح"خطاب الكراهية" لا يزال مصطلحا شائكا، فلم يتم وضع تعريف محدد وواضح له ، وإن كانت اجتهادات الدول بما في ذلك المجتمع الدولي قد قاربت تماما بين مفاهيمه المتعددة والمختلفة، وللحقيقة فإن مفاهيم"خطاب الكراهية" لا تزال من اكثر المفاهيم لبسا، وتحتاج لتحديد أكثر صرامة بدلا من إبقاء الباب مفتوحا أمام الإجتهادات المتعددة على المستوى المحلي والمستوى الدولي، بالرغم من ان "مابديء كامدن" التي وضعتها منظمة المادة 19 قد ساهمت إلى حد كبير في تقريب المفهوم ووضع أرضية له يمكن البناء على أساسها.

إن غياب التعريف الواضح لمفهوم"خطاب الكراهية" في القانون الدولي جعله من أكثر القضايا إثارة للخلاف والجدل، وفي الوقت الذي تتوافر فيه تعريفات تطرح في سياق تقريب المفهوم ومقاربته بين الباحثين والمهتمين والقانونيين على المستوى الدولي، إلا أن معظم الدول لم تضع مفاهيم قانونية واضحة تجعل من "خطاب الكراهية" مادة قانونية واضحة يمكن المحاسبة عليها أمام القضاء، وهذا ما جعل القوانين المحلية بما فيها الأردن يعتمد على المفاهيم الراسخة المتعلقة بقوانين المطبوعات، ولم يسجل في القضاء الأردني أية قضية ضد"خطاب الكراهية" باعتباره جريمة يحاسب عليها القانون.

وتوقفت الدراسة في الفصل الثاني الذي حمل عنوان"تجريم خطاب الكراهية الحدود الفاصلة بين حرية التعبير وخطاب الكراهية" للتعريف بخطاب الكراهية وتجلياته، والفرق بينه وبين حرية التعبير، وفقا لما اكدت عليه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان  نافي بيلاي التي أكدت على أن "التوصل إلى تعريف قوي وواضح ومشترك لخطاب الكراهية، إذا كان مرغوباً فيه على الإطلاق، تزيده تعقيداً حقيقة أن الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتناولان المسألة بطريقتين مختلفتين"

وبحسب بيلاي فإن هناك صعوبة في "التمييز بين خطاب الكراهية والخطاب الذي لا يتعدى كونه مجرد كلام مسيء، لأنه لا يوجد تعريف لخطاب الكراهية متفق عليه بشكل جازم في القانون الدولي، وربما ينبغي ألا يكون هناك تعريف له، ولدينا، بدلاً من ذلك عدد من النُهج الإقليمية والوطنية المختلفة اختلافاً طفيفاً، وبعض البلدان تحمي خطاب الكراهية إلا إذا كان الخطاب يحرض فعلاً على عنف وشيك، بينما توجد، في الجانب الآخر، تقييدات صارمة مفروضة على الكلام في بعض البلدان في سياق إنكار محرقة اليهود، أو، في بلدان أخرى، لحماية العقيدة أو الرموز الدينية

وناقشت الدراسة كيفية مجابهة خطاب الكراهية في الشرعة الدولية، وعادت الدراسة للتوقف مطولا أمام الإتفاقات الدولية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على التمييز العنصري.

وتوقفت الدراسة مطولا لمناقشة خطة الرباط التي وضعت في الأساس لمجابهة خطاب الكراهية والتمييز والتي تعتبر حتى الآن من أفضل استراتيجيات العمل الدولية المتعلقة بمكافحة خطاب الكراهية الذي رات الخطة أن مختلف أنحاء العالم قد شهدت في السنوات الأخيرة عدة أحداث أثارت الاهتمام مجددًا بمسألة التحريض على الكراهية، كما أن الكثير من النزاعات التي حدثت خلال العقود الماضية، قد تضمنّت كذلك – بدرجات متفاوتة – عنصر التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، كما أكدت على أن حرية التعبير وحرية الدين أو المعتقَد مترابطتان وتدعم إحداهما الأخرى، وإنّ حرية ممارسة المرء شعائر دينه أو معتقده – أو عدم ممارسته –لا يمكن تحقيقها إلا مع احترام حرية التعبير.

وقالت الدراسة إن خطة الرباط خلصت في الجانب التشريعي إلى عدم وجود أي حظر قانوني للتحريض على الكراهية في العديد من الأطر القانونية الوطنيّة عبر العالم، كما ان التشريعات التي تحظر التحريض على الكراهية تستخدم مصطلحات متفاوتة، وهي غالبًا غير منسجمة مع المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلما توسّع تعريف التحريض على الكراهية في القوانين الوطنيّة، ازدادت الاحتمالات بفَتْح باب التطبيق التعسفي لتلك القوانين. كما أنّ المصطلحات المتعلّقة بمخالفات التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تختلف باختلاف البلدان مما يزيد في غموضها نوعًا ما، في حين يجري تضمين التشريعات الوطنية أنواعًا جديدة من القيود على حرية التعبير. وينجم عن ذلك مخاطر الوقوع في خطأ تفسير المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإضافة قيود على حرية التعبير غير واردة في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وأشارت خطة عمل الرباط بحسب الدراسة إلى أن حظر التحريض على الكراهية ثابت بوضوح، على المستوى الدولي، في المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 4 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وقد أكّدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في التعليق العام رقم 34، على أنّه "باستثناء الحالات المعيّنة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 20 من العهد، يتعارض مع العهد حظر إظهار قلّة الاحترام لدين أو نظام عقائدي آخر، بما في ذلك قوانين إزدراء الأديان. ويجب أيضًا أن تكون حالات الحظر تلك متمشية مع الشروط الصارمة الواردة في الفقرة 3 من المادة 19، فضلاً عن مواد مثل المواد 2 و5 و17 و18 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولذلك لا يجوز، على سبيل المثال، لأي قانون من هذه القوانين أن يميّز لصالح دين أو أديان أو نظم عقائدية معينة، أو ضدها، أو لصالح اتباعها ضد أتباع دين آخر أو لصالح المؤمنين بدين ضد غير المؤمنين. ولا يجوز أن تستخدم حالات الحظر تلك لمنع انتقاد الزعماء الدينيين أو التعليق على مذهب ديني أو مبادئ عقائدية أو المعاقبة عليها".

وناقشت الدراسة الإختبار الذي وضعته خطة عمل الرباط الذي يتكون من ستة عناصر ليتم الحكم من خلالها عما إذا كان هذا الخطاب يتضمن خطاب كراهية وتخريض وتمييز ام لا وهذه العناصر الستة هي: السياق، المتحدث، والنيّة، والمحتوى أو الشكل، ومدى الخطاب، والأرجحية.

وعادت الدراسة لتتوقف مطولا أمام مباديء كامدن حول حرية التعبير والمساواة وبتفاصيل أوسع، كما ناقشت الإعلان الأممي المشترك حول التشهير بالأديان.

وتناولت الدراسة في الفصل الثالث الذي حمل عنوان"لماذا يكرهوننا .. جذور خطاب الكراهية بين الشرق والغرب، قائلة إن الثقافة العربية لم يتوفر فيها خطاب كراهية كما وفرته الصراعات السياسية بين العرب والغرب طيلة القرن العشرين، ومع ذلك فإن كراهية العرب للغرب لم تتبلور بشكل واضح ومؤثر إلا عندما انحازت امريكا والغرب عموما إلى الاحتلال الإسرائيلي، وعدم مناصرة الشعب الفلسطيني في عدالة قضيته امام الاحتلال الإسرائيلي، وعندما تعرضت واشنطن لهجوم أيلول سبتمبر وقيادتها العالم في حربها ضد أفغانستان والعراق، فضلا عن ثورة الإعلام في موجاتها المتتالية انفتحت الأبواب على خطاب الكراهية الذي نراه ونشاهده ونعاني من ويلاته وتداعياته.

ورأت الدراسة أن حادثة 11 أيلول سبتمبر 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية قد ساهمت على إطلاق روح الكراهية ليس في العالم العربي والإسلامي فقط، بل في كل أنحاء العالم، لكن هذا لا يعني  أن صورة الكراهية لم تكن موجوده في السابق بل "كانت موجودة دائماً بقوة أو بستار شفاف طوال عقود القرنين، التاسع عشر والعشرين. وترجع جذور الكراهية إلى الصور النمطية التي أوجدها الخطاب وخلقها على الطرفين.

وتوقفت الدراسة أمام جهود الإستشراق التي حاولت مبكرا استكشاف الشرق، وقامت برسم الصور الأولى المتخيلة في عقل الغرب عن الشرق العربي والإسلامي، وهي الصورة المشوهة التي بقيت في اذهان الغرب عن الشرق العربي ومغربه عموما.

ورات الدراسة أن المدرسة البحثية التي ترى أن للإستشراق الغربي المعادي للثقافة الإسلامية عموما دورا مهما في إشاعة خطاب الكراهية بين الشرق والغرب، والمساهمة المباشرة في إشاعة روح العداء الثقافي والديني بينهما والذي بدأ مبكرا في القرن التاسع عشر قد أنتج في نهايات القرن العشرين كل تلك الصراعات العقائدية والفكرية بين "الشرق المؤمن" وبين "الغرب الكافر" من وجهة نظر التيارات الدينية المشرقية "الأصوليات الإسلامية" الحديثة.

واكدت الدراسة على أن خطاب الكراهية وبالرغم من جذوره التاريخية الضاربة في أعماق الصراعات الثقافية والحضارية والدينية بين الشرق والغرب إلا أنه خرج عن تقليديته بعد الثورات العربية، وأصبح أكثر خطرا عندما تم توجيهه إلى أبناء الوطن الواحد في سياق الصراعات المحلية التي تحولت إلى صراعات إثنية وعرقية وطائفية.

وناقشت الدراسة في الفصل الرابع قضية الإسلام السياسي وخطاب الكراهية ونفي الآخر والتحريض عليه" مؤكدة على أن الخطاب الديني للحركات الإسلامية، والخطاب السياسي للأنظمة العربية الرسمية شكلتا الحاضنة الخصبة لتنامي خطاب الكراهية في السنوات الأخيرة وخاصة ما بعد سنوات "الربيع العربي" وهذه حقيقة بدت ـ للأسف ــ أكثر من حقيقة واقعة تمشي على الأرض.

وقالت الدراسة أن سنوات الربيع العربي أطلقت خطاب الكراهية من عقاله تماما، وبدا هذا الخطاب بكل مضامينه السيئة من تحريض، وإقصاء، واتهام ... الخ، يتجلى يوميا في الخطابين الديني المتورط في العمل السياسي تماما، والحكومي الرسمي المتورط هو الآخر في مواجهة المحتجين عليه الذين يطالبونه بإجراء إصلاحات سياسية، تكفل لهم الحق في الحياة داخل دولة مدنية ديمقراطية تماما تتوفر فيها كل متطلبات تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، والعدالة في الحياة والعمل والتمتع بحرية الرأي والتعبير، وصولا الى حياة معيشية محترمة.

واوضحت بأن حركات الإسلام السياسي المتعددة التي برزت كقوة في أحداث الربيع العربي ونجح بعضها بالوصول إلى السلطة "تونس، مصر"، استخدمت خطابا إقصائيا واتهاميا لمن يخالفهم في الرأي والموقف، وبدا خطاب هذه الحركات يتضمن تحريضا على الكراهية إما بلغة مباشرة مفتوحة، وإما بلغة مواربة، كما أثبتت احدث الدراسات الدولية ان خطاب الكراهية ارتفع منسوبه بشكل كبير جدا في أحداث الربيع العربي.

ورأت الدراسة أن خطاب الحركات الإسلامية في "الربيع العربي" بكل ما يحمله من خطاب سياسي وديني يستند الى خطاب سلفي موغل في التاريخ، وعلى عداء مع الحاضر، ولم يكن وليد "الربيع العربي" فقط، وإنما وجد في هذا "الربيع" بيئة مناخية مناسبة لإعادة تجديد خطابه وتغليفه في هذه المرحلة بغلاف "الديمقراطية"، بينما هو في أساسه يستند إلى جذوره السلفية التي تستمد معطياتها المرجعية من قاعدة "الحاكمية لله"، وهي القاعدة التي فرضت نفسها على مجريات التاريخ الفكري والعقدي لـ"الإسلام السياسي" الذي ترعرع إبان المواجهة الأمريكية السوفييتية في أفغانستان طيلة عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وهي الفترة التي أسست لاحقا إلى الإسلام التكفيري الأصولي في بعض مناحيه، في تسعينيات القرن العشرين، وصولا الى ما وصل إليه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وما نشهده اليوم من جماعات تكفيرية وجهادية وسلفية، منقسمة على نفسها أولا، ومع بعضها البعض ثانيا، لتجد في فوضى الربيع العربي بيئة مثالية بالنسبة لها لممارسة طقوسها وتطبيق أفكارها في مجتمعاتها المحلية أولا، وفي مجتمعها الديني الأوسع ثانيا.

وتابعت الدراسة بالقول إن ما دفع بخطاب الكراهية ليكون سيد التحريض، هو شعور التيارات السياسية المتحاربة والمتصارعة داخل منظومة الوطن الواحد "مصر، تونس، ليبيا، سوريا، البحرين، اليمن" بأنها تتصارع على مكاسب محدودة ومغلقة، وان حصة كل منها تبقى محصورة في مدى نجاحها بإزاحة الآخر من طريقها، ومن هنا تم السماح تماما بان يكون لخطاب الكراهية المتبادل مكانته في هذا الصراع  الذي وصل في مصر إلى أن يؤدي إلى انقسام كبير في بنية المجتمع المصري السياسية والاجتماعية، وإلى صراع دموي في سوريا بين تيار ديني سلفي أصولي يعتبر صراعه مع النظام "جهادا مقدسا سيؤدي به إما الى الجنة وإما الى النصر" في استعادة تاريخية لحقبة الحرب الباردة والصراع في أفغانستان بين دولة الكفر "السوفييت"، وبين دولة الإيمان "واشنطن" باعتبارها من أهل الكتاب، وبين نظام قومي حكمت حركة الإسلام الأصولي على هذا التيار مبكرا جدا بالكفر وإبان الحرب الباردة أيضا بين الكرملين وواشنطن..

واكدت الدراسة على أن خطاب الكراهية المتبادل بين حركات الإسلام السياسي السلفي، وبين الخصوم من التيارات السياسية وحتى الاجتماعية الأخرى لم يتوقف عند الحدود التقليدية لوسائل إشاعة مثل هذا الخطاب من وسائل إعلام مختلفة، وبيانات، وخطابات، واحتفالات، وحتى من خلال الاتصالات الفردية، أو النشاطات الجماهيرية، بل وصل الى حد استخدام المساجد من قبل الجماعات الإسلامية باعتبارها الجهات الوحيدة التي تملك صلاحية الوصول لمنابر المساجد بخلاف الأحزاب والجماعات السياسية الأخرى، مما أدى بالنتيجة إلى توظيف المساجد في خدمة "خطاب الكراهية" والتحريض على الآخر، وتعزيز العداء الطائفي، وفي بلد مثل مصر أو تونس أو حتى في البحرين،  فإن أحد أبرز أشكال الصراع السياسي كان على المساجد، إما باحتلالها ، وإما بهدمها.

وتخلص الدراسة في هذا الفصل إلى أن خطاب الكراهية الذي تنامى بشكل كبير وخطر إبان الربيع العربي، وجد له حاضنة كبيرة جدا ومتشعبه وتستند إلى إرث عقدي سلفي وفكري وتنظيري لدى الحركات الإسلامية التي رأت أن أفضل حرب تواجه بها المنافسين من التيارات السياسية الأخرى هي في الاتهام والتحريض لكسب ود ودعم الشعب، وهو ما دفع بخطاب الكراهية ليتنامى في بلدان الربيع باتجاهين متضادين، ففي الوقت الذي نمى فيه "خطاب الكراهية" في أحضان حركات الإسلام السياسي، فإنه بالمقابل وجد له حاضنة أمومية لدى بعض الأحزاب والتيارات السياسية والشعبية المناهضة للإسلام السياسي، وبين تبادل هذا الخطاب بين الجانبين وقع المجتمع في أزمة كبرى أدت وبالضرورة إلى الإضرار الكبير في وحدة المجتمع الوطني، وفي القضية الوطنية، ونتح عن ذلك كله انقسامات وصراعات قومية ووطنية ودينية وسياسية وطائفية وحتى مناطقية داخل المجتمع الواحد، وهي المشكلة التي لا تزال ترزح تحت وطأتها كل المجتمعات العربية التي مرت بالربيع العربي، ونجحت بالتخلص من حكامها، لكنها خضعت بالنتيجة الى ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية في غاية الخطورة تمثلت بالاحتراب بين أبناء الوطن الواحد بسبب خطابات الكراهية المتبادلة بين السادة الجدد في مرحلة ما بعد الربيع العربي.

وتضيف بأن الحديث عن مستقبل خطاب الكراهية في دول الربيع العربي وغيرها من الدول التي تأثرت بمجريات الثورات العربية سيبقى رهينا للديمقراطية وتعزيز الحوار وقبول الآخر، وإعادة بناء المناهج التعليمية على أسس جديدة، وإشاعة قيم التسامح في المجتمع، وستكون كلها عوامل جيدة في التخفيف من حدة  خطاب الكراهية، في الوقت الذي يتوجب فيه على حركات الإسلام السياسي التحول من خطاب التكفير الى خطاب التفكير، والتحول من التحوصل في "عقل الخلف" إلى الإيمان بقيم الديمقراطية والمجتمع المدني، والدولة المدنية القائمة على قيم التسامح والتشاركية، والتعايش مع الأفكار والتنوع المجتمعي والفكري والعقدي والقومي داخل المجتمع الواحد، ولا يشكل ذلك اي خلاف مع صحيح العقيدة الإسلامية.

وتختم الدراسة هذا الفصل بالتأكيد على أن خطاب الكراهية بكل أشكاله وتجلياته المؤلمة والكارثية لن يتلاشى إلا بعد أن تؤمن الحركات السياسية بكامل فسيفسائها السياسية والعقدية بما فيها جماعات الإسلام السياسي بالديمقراطية وبالدولة المدنية التي يتساوى فيها جميع المواطنين بالحقوق والواجبات، دون تمييز ديني او طائفي أو عرقي أو مذهبي، في الوقت الذي تقوم فيه الدولة المدنية الحديثة على كل هذه الأسس، وعندها لن يكون هناك مكان لخطاب الكراهية، أو التحريض على الكراهية التي ستؤدي حتما إلى صراع داخلي قد يكون في أبسط صوره حربا أهلية مدمرة.

وتوقفت الدراسة مطولا جدا في الفصل الخامس أمام خطاب الكراهية في إعلام الربيع العربي"تقارير الرصد والتوثيق"، مستهلة هذا الفصل بكيفية وآلية تحديد وفرز  خطب الكراهية وتمييزه عن حرية التعبير من خلال تطبيق قاعدة الإختبارات الستة التي اعتمدت في خطة عمل الرباط ومن قبل منظمة المادة 19 وهي:سياق التعبير، وشخص قائل التعبير أو المتحكم في وسيلة نقله للجمهور، ونية قائل التعبير، ومحتوى التعبير، وحجم التعبير وطبيعته العامة وإمكانية انتشاره، ومدى رجحان حدوث النتائج المترتبة على التحريض.

وناقشت الدراسة في هذا الفصل الحالة السياسية ما بعد الثورات وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية، قائلة إن "ثورات الربيع العربي" هي التي أججت الصراع المذهبي والطائفي في العالم العربي، وما يجري في مصر وسوريا والعراق وتونس وليبيا ولبنان والبحرين والسعودية والكويت هو جزء من التجليات السلبية التي نتجت عن صراعات الربيع العربي في دول المشرق والمغرب العربي.

وحول خطاب الكراهية في تحولات الإعلام العربي قالت الدراسة إن ثورات الربيع العربي جاءت مفاجئة تماما، فلم يكن أحد يتصور ان بين عشية وضحاها يمكن ان تنقلب الموازين بهذه السرعة، ولم يكن أحد أيضا ليتصور للحظة أن تلك القوة الشعبية الجارفة التي خرجت في شوارع تونس، ثم في مصر وليبيا واليمن، وسوريا والبحرين والسعودية كانت تملك كل هذا الجبروت والإصرار على إزاحة أربعة زعماء ربما نسي معظمهم عدد السنوات التي قضوها على كراسي الحكم.

وتضيف الدراسة إنه وبعد إنقشاع غبار الثورات، دخلت تلك الدول في أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية داخلية قاتلة، فقد تحولت تلك الدول في داخلها من مرحلة الصراع مع الحاكم إلى مرحلة الصراع الداخلي بين الشعب نفسه، ذلك الشعب الذي توحد على الإطاحة بحاكمه، لكنه سرعان ما اختلف مع نفسه بسبب الصراعات السياسية والطائفية والعرقية والمذهبية، وبذلك تحول المشهد تماما من المشهد الثوري، إلى المشهد الثأري، وهنا دخل الإعلام كلاعب رئيسي في إدارة دفة تلك الصراعات وتوجيهها، والقيام بدور المحرض، وأصبح لخطاب الكراهية مساحته الواسعة التي يتحرك فيها ومن خلالها.

وترى الدراسة أن الإعلام في دول الربيع العربي تحول للإنحياز المباشر للعهد الجديد بعد ان كان في معظمه في خدمة العهد القديم، كما شهدت بلاد الربيع العربي ثورة إعلامية موازية تضخم فيها عدد الوسائل الإعلامية، على حساب المهنية وأصولها، وأصبح كل فصيل وحزب وجماعة له ماكينته الإعلامية التي يوجهها الى الهدف الذي يريده، وعاد الإعلام في معظمه ليعمل بوظيفة الخادم لدى السيد الجديد.

وتوقفت الدراسة في هذا الفصل أمام خطاب الكراهية في شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي مؤكدة على أن الفضاء الفمتوح للإعلام الإلكتروني على شبكة الإنرنت ومواقع التواصل الإجتماعي المفتوحة والسهلة والمجانية قد فتح الباب على مصراعيه أمام الضخ الجائر وغير المحدود لمواد وخطابات تتضمن الكراهية المباشرة وتحض على الإرهاب والتمييز والتحريض الطائفي والمذهبي.

وتؤكد الدراسة على ان شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي قد ساهمت مساهمة كبرى في إشاعة خطاب الكراهية والتحريض الطائفي والمذهبي والتمييز بكل أشكاله المدانة والمرفوضة، كما ناقشت الدؤاسة مظاهر ومضامين القلق الأممي من انتشار ذلك الخطاب على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي.

وناقشت الدراسة مطولا نماذج رصد خطاب الكراهية في إعلام الربيع العربي في كل من مصر وتونس واليمن والبحرين وسوريا والكويت.

وقالت الدراسة إن عملية رصد مضمون الكراهية في وسائل الإعلام لا تزال قاصرة ومحدودة جدا في العالم العربي، مشيرة إلى وجود تجارب محدودة ومتواضعة في كل من مصر وتونس واليمن تم فيها رصد خطاب الكراهية في وسائل إعلام الدول الثلاث السابقة، داعية إلى تعميم تلك الوظيفة الهامة وتعظيمها وتطويرها.

وناقشت الدراسة بالتحليل والتقييم نتائج ثلاثة تقارير رقابية وتقييمية لوسائل الإعلام في مصر وتونس واليمن، وقد اظهرت جميعها بأن وسائل الإعلام التي راقبت فيها مستوى خطاب الكراهية والتحريض قد تضمنت خطابا تحريضيا مباشر أو بلغة تضمنت عبارات كراهية مباشرة.

وأظهرت تلك التقارير المصرية والتونسية واليمنية على تفاوت واضح فيما بينها أن وسائل الإعلام التي قامت بتحليل مضامينها حفلت كلها بخطابات طائفية وتحريض وعبارات كراهية، كما ان معظم وسائل الإعلام تلك تورطت في إشاعة خطابات الكراهية في مجتمعها المحلي.

وتوقفت الدراسة أمام الخطاب التحريضي الذي مارسته وسائل إعلام مصرية ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين في سياق الجو المصري العام الذي أصبح مشحونا بالكراهية والتحريض بسبب الصراعات بين أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي وانصار الإنقلاب العسكريي بقيادة عبد الفتاح السيسي.

وناقشت الدراسة في ختام هذا الفصل لغة التحوين والتحريض والكراهية التي غزت الإعلام  المصري بين أنصار مرسي وانصار السيسي وتجليات ذلك الخطاب في وسائل الإعلام المصرية المختلفة على قاعدة"شيطنة الآخر".

وخصصت الدراسة الفصل السادس لدراسة وتحليل إستطلاع الراي حول أثر الثورات والحراكات الاحتجاجية في تعزيز خطاب الكراهية في الإعلام، وقد استهدف هذا الاستطلاع معرفة توجهات العينة المستهدفة تجاه خطاب الكراهية في الإعلام العربي والأردني، وتقييماتهم لهذا الخطاب وأسبابه ودوافعه، وأثر النزاعات الداخلية في دول الربيع العربي والحراكات الشعبية، وكيف أثرت الثورات العربية سلبا أو إيجابا في تعزيز خطاب الكراهية استنادا الى تلك الصراعات.

وحصر هذا الاستطلاع تساؤلاته في أربع دول عربية فقط هي تونس، ومصر، وسوريا، والأردن، لعدة أسباب هي:

1. لكون مصر لا تزال تعيش حالة صراع داخلي بالرغم من نجاح ثورتها، إلا أنها بقيت رهينة لصراعاتها على السلطة بين تيارات سياسية وتحولات اجتماعية لم تستقر حتى الآن، وقد أشارت المعطيات أن الإعلام المصري تورط تماما في تعزيز خطاب الكراهية ضد الآخر، وتجلى هذا الخطاب في التحريض على العنف، وعلى إقصاء الآخر، والحض على عدم التسامح والتعايش وفقا لمختلف التقارير التي تولت مراقبة الإعلام المصري.

2. لكون سوريا هي الأخرى لا تزال تعيش حالة صراع دموي داخلي "حرب حقيقية"، وهي البيئة المناسبة التي ينشأ داخلها خطاب الكراهية وينمو ويتسع، وقد بدا تورط الإعلام في القضية السورية بشكل خطر جدا، وأصبح الإعلام السوري المحلي، والإعلام العربي والدولي ضالعا تماما في تعزيز خطاب الكراهية، وبدا "إعلام الثورة" ضالعا هو الآخر في تعزيز خطاب الكراهية، فضلا عن اتهامات في دور مباشر وخطر لبعض الفضائيات العربية التي تورطت في الصراع السوري وأصبحت جزءا من الماكينة الإعلامية التي لا تهدأ لبث الدعاية ضد النظام السوري، وتحولت القضية السورية إلى بيئة حاضنة تماما لخطاب الكراهية بشكل غير مسبوق.

3. وتم اختيار تونس لكونها لا تزال هي الأخرى تعيش صراعا داخليا عقب نجاح ثورتها، لكن الوضع في تونس يبقى أقل خطرا منه في كل من مصر وسوريا، وقد تورط الإعلام التونسي أيضا في  تبني خطاب الكراهية، والدعاية والتحريض، وهو ما اثبتته عدة دراسات وتقارير تولت مراقبة وتقييم الرسائل الإعلامية لوسائل الإعلام التونسي.

4. وتم اختيار الأردن لكون هذه الدراسة تتخذ من الأردن نموذجا تطبيقيا لدراسة خطاب الكراهية في دولة تمثل الدول التي شهدت حراكات شعبية مطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.

لقد أظهرت إجابات العينة المستطلعة على الأسئلة التي تم تصميمها بشكل خاص لهذه الدراسة تفاوتا واضحا في إجابات العينة حول الأسئلة موضوع الاستطلاع، إلا أنها بالنتيجة شكلت إطارا جيدا لمعرفة توجهات عينة الدراسة تجاه "خطاب الكراهية" بدءا بالمفاهيم وانتهاء بالنتائج والأسباب والتوجهات.

إن هذا الاستطلاع هدف بالدرجة الأولى الى معرفة تجليات "خطاب الكراهية" في الإعلام العربي والأردني في ظل الثورات العربية والحراكات الشعبية، ومدى تأثيرها على منسوب خطاب الكراهية في الإعلامين العربي والأردني، ومنسوب العلاقة المتضادة بين "خطاب الكراهية" من جهة، و"خطاب التسامح" من جهة اخرى، فضلا عن أسباب بروز خطاب الكراهية في الإعلامين العربي والأردني بعد الربيع العربي والحراكات الشعبية.

لقد كشفت إجابات العينة المستطلعة من الوسط الصحفي والإعلامي عن السؤال حول مدى مساهمة الثورات والاحتجاجات الشعبية بتعزيز كل من خطاب التسامح واحترام الرأي الآخر وحريته في التعبير وإذكاء خطاب العنف وإقصاء الآخر عن تباين واضح في تقدير تلك النتائج، فقد تراوحت الإجابات كوسط حسابي ما بين (54%) فيما يتعلق بتعزيز خطاب التسامح، و(61%) لإذكاء خطاب العنف وإقصاء الآخر.

إن معطيات الإجابات تكشف عن مواقف ملتبسة لدى العينة المستجيبة تجاه التسامح، واحترام الرأي الآخر، وإذكاء خطاب العنف، ففي الوقت الذي ترى فيه العينة المستجيبة أن الثورات والاحتجاجات عززت خطاب التسامح (15.6 %)، فإن هذه العينة نفسها ترى وبنسبة (23.4%) أنها عززت بدرجة كبيرة إذكاء خطاب العنف، وبنسبة (18.2%) رأت أنها عززت احترام الرأي الآخر وحريته في التعبير.

وهذه المفاهيم الملتبسة هي ذاتها التي تتكرر في العينة التي رأت أن الثورات والاحتجاجات عززت من خطاب التسامح بدرجة متوسطة (46.6%)، بينما رأت العينة نفسها أن الثورات والاحتجاجات عززت من احترام الرأي الآخر بدرجة متوسطة وبنسبة (50.5 %)، في الوقت الذي أجابت فيه وبنسبة (45.8%) أنها أذكت خطاب العنف وإقصاء الآخر.

ويلاحظ أن العينة التي أجابت بأن الثورات قد عززت من خطاب التسامح (17.6%) هبطت نحو 6 درجات عندما رأت أن الثورات والاحتجاجات عززت من احترام الرأي (11.3%)، وهي ذات النسبة التقريبية عندا إجابتها على مدى مساهمة الثورات والاحتجاجات في إذكاء خطاب الكراهية (11.1%).

إن معطيات إجابات العينة تكشف عن أن الثورات والاحتجاجات الشعبية قد عززت من خطاب العنف مقابل تعزيزها لخطابي التسامح واحترام الرأي الآخر، وبنسب بدت متقاربة الى حد بعيد جدا، مما يعني أن مجتمع الثورات والاحتجاجات العربية لا يزال واقعا تحت تأثير التحولات الداخلية، ولم يحسم بعد النتائج باتجاه التسامح وحرية التعبير في الوقت الذي رافقهما ارتفاع في خطاب العنف والدعوة لإقصاء الآخر.

وجاء الأردن في المرتبة الأخيرة في إجابات العينة المستطلعة على سؤال عن دور الإعلام في كل من تونس ومصر وسوريا والأردن في إذكاء خطاب الكراهية عام 2013، وبنسبة (4.3%)، بينما احتل الإعلام السوري المرتبة الأولى وبنسبة (7.7%)، وجاء في المرتبة الثانية الإعلام المصري وبنسبة متقاربة جدا مع الإعلام السوري (7.6%)، بينما احتل الإعلام التونسي المرتبة الثالثة وبنسبة (5.9%).

إن إجابات العينة المستطلعة لا تنفي وجود خطاب كراهية في الإعلام الأردني، إلا أنه لم يصل إلى مرتبة ما هو عليه في تونس وهي أقرب الدول إلى الأردن من حيث النسبة.

إن هذه المعطيات تكشف تماما أن دول الثورات التي لا تزال منخرطة في صراعاتها الداخلية تشهد حضورا واضحا لخطاب الكراهية في وسائل إعلامها المختلفة، ولربما يعود ذلك إلى انحياز الإعلام تجاه القوى المتصارعة.

وحول دور الإعلام في تعزيز قيم التسامح فقد حصل الأردن على المرتبة الأولى (6.4%)، وحلت تونس في المرتبة الثانية (4.9 %)، ومصر حلت في المرتبة الثالثة (3.7%)، وسوريا في المرتبة الرابعة  (3.4%).

وجاء الأردن في المرتبة الأخيرة من بين الدول الأربعة حول الدعوة لإقصاء الآخر وبنسبة (4.4%) وفقا لإجابات العينة، وهي إجابة لا تنفي بالمطلق وجود دور للإعلام الأردني في الدعوة لإقصاء الآخر إلا أنها تبقى نسبة متدنية إذا ما قيست الى كل من سوريا ومصر وتونس.

من الواضح أن متلازمة خطاب الكراهية وعدم التسامح ستقود حتما الى نتائج أخرى من بينها الدعوة لإقصاء الآخر الذي يعتبر مرفوضا ويتوجب إخراجه من اللعبة السياسية، وهذا ما بدا واضحا في إجابات العينة التي تعتقد ان الإعلام في مصر وسوريا كان له دور واضح في الدعوة لإقصاء الآخر، بينما حصلت مصر وسوريا على ذات النسبة (7.5%)، أما تونس فحصلت على نسبة (6%).

وحول الاعتقاد بأن  للإعلام في بعض الأقطار العربية دور واضح في تعزيز خطاب التحريض على العنف عام 2013 فقد احتلت سوريا المرتبة الأولى وحلت مصر في المرتبة الثانية، وتونس في المرتبة الثالثة والأردن حل في المرتبة الرابعة.

لقد رأت العينة المستجيبة أن دور الإعلام واضح تماما في تعزيز خطاب التحريض على العنف في سوريا ومصر بدرجة كبيرة، ربما لأنهما لا تزالان تعيشان صراعات داخلية عنيفة، فيما سوريا تشهد حربا حقيقية، مما يشكل بيئة حاضنة تماما لخطاب التحريض على العنف.

وافادت (90%) من إجابات العينة بأنها ترى أن الصراعات السياسية قد ساهمت بدرجات (كبيرة، متوسطة، قليلة) في تعزيز خطاب الكراهية، وهي نسبة عالية جدا، تكشف عن أن خطاب الكراهية يتلازم عادة مع الصراعات السياسية واستحقاقاتها، بينما رأى (8.7%) فقط من العينة المستجيبة بأن الصراعات لم تساهم على الإطلاق في تعزيز خطاب الكراهية.

ورأت (91.6%) من إجابات العينة المستطلعة أن الأحداث السياسية في دول الربيع العربي وخاصة في سوريا ومصر كانت السبب وراء تفشي خطاب الكراهية في الإعلام وبدرجات (كبيرة، متوسطة، قليلة)، مقابل (6.3%) من العينة المستجيبة أي تأثير لها على الإطلاق.

وكشفت نتائج الاستطلاع أن نسبة من يرى من العينة المستجيبة أن الخلافات الدينية ساهمت في إذكاء خطاب الكراهية بلغت (77.4%) بدرجات "كبيرة ومتوسطة وقليلة" وهي نسبة أقل من نسبة من رأى أن الخلافات السياسية هي التي ساهمت كثيرا في تفشي خطاب الكراهية خاصة الصراعات في سوريا ومصر.

وتفاوتت رؤية العينة المستجيبة تجاه الأحزاب "الدينية، القومية، اليسارية، الليبرالية" التي كانت سببا لانتشار خطاب الكراهية عام 2013، فقد كشفت نتائج الاستطلاع أن الأحزاب الدينية حصلت على الدرجة الأولى باعتبارها سببا في انتشار خطاب الكراهية وبنسبة إجمالية بلغت (82.9%)، تليها في المرتبة الثانية الأحزاب القومية وبنسبة بلغت (79.4%)، وحلت في المرتبة الثالثة الأحزاب الليبرالية وبنسبة بلغت (75.1%)، بينما حلت الأحزاب اليسارية في المرتبة الرابعة والأخيرة وبنسبة (69.4%).

وحول تعريفات المستجيبين لخطاب الكراهية أفاد (86.6 %) بأنه يعني "التحريض على إقصاء الآخر"، وأفاد (81.8%) بأنه يعني "استخدام أوصاف وشتائم في التعامل مع الآخر"، وأفاد (80.7%) بأنه معناه "الحض على رفض التسامح"، ورأى (80%) من العينة المستجيبة بأن معناه "استخدام الدين والمذاهب لمحاربة وجهة النظر الأخرى"، بينما أفاد (75.5%) من العينة المستطلعة أنه يعني "الحض على استخدام العنف ضد الآخر".

ويعتقد وبنسبة عالية جدا من المستجيبين بأن انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد ساهم في تعزيز خطاب الكراهية وبنسبة وصلت إلى (94.8%) بمجموع درجات كبيرة ومتوسطة وقليلة.

وحل موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" في المرتبة الأولى من بين وسائل الإعلام التي ساعدت على  إشاعة خطاب الكراهية في الأردن (30.5%)، تلته في المرتبة الثانية وسائل الإعلام الإلكتروني (26%)، وفي المرتبة التويتر (14.5%)، وفي المرتبة الرابعة اليوتيوب (9.1%)، وفي المرتبة الخامسة التلفزيون (6.7%)، وفي المرتبة السادسة الإذاعة (5%)، وفي المرتبة السابعة جاءت الصحافة المكتوبة وبنسبة (4.8%).

ورأت العينة المستجيبة أن ضعف الاحتراف المهني عند الإعلاميين يأتي في المرتبة الأولى من بين الأسباب التي تدفع وسائل الإعلام لتبني خطاب الكراهية (76.4%)، وجاء في المرتبة الثانية ضعف الإيمان بالقيم الديمقراطية (73.5%)، وفي المرتبة الثالثة غياب مدونات السلوك المهني الناظمة لعمل الصحفيين ووسائل الاعلام (71.4%)، وفي المرتبة الرابعة ضعف الوعي الحقوقي للإعلاميين (70.1%)، وفي المرتبة الخامسة ارتباط الإعلاميين بالحكومة وبالأحزاب وعدم استقلاليتهم (67%)، وفي المرتبة السادسة ثقافة المجتمع وقيمة (65.3%)، وفي المرتبة السابعة موقف ووعي الإعلاميين أنفسهم (63.1%)، وفي المرتبة الثامنة شحن التيارات والأحزاب الدينية للإعلاميين (60.1%)، وفي المرتبة التاسعة ضغوط دولية وإقليمية (55.1%)، وفي المرتبة العاشرة  توجيهات وتحريض الحكومة لوسائل الإعلام (52.1%)، وفي المرتبة الحادية عشرة توجيهات وتحريض الأجهزة الأمنية (49.2%).

ورأى (88.1%) من العينة المستجيبة أن خطاب الكراهية في وسائل الإعلام العربية قد انعكس على الإعلام الأردني بدرجات "كبيرة، متوسطة، قليلة" مقابل (10.8%) فقط قالت أنه لم ينعكس بالمطلق.

وتعتقد الغالبية العظمى من العينة المستجيبة أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الناس في الأردن تأتي في المرتبة الأولى من حيث أسباب تزايد وتعزيز خطاب الكراهية في الإعلام الأردني وبنسبة مرتفعة جدا وصلت إلى (82.6%)، بينما رأى (79.2%) من العينة المستطلعة أن تفاقم أزمة اللاجئين السوريين هي التي ساهمت بتعزيز خطاب الكراهية في الإعلام الأردني.

ويعتقد (74.4%) من المستجيبين أن أداء وممارسات مجلس النواب قد ساعدت وعززت من خطاب الكراهية في الأردن، بينما رأى (70.5%) أن الصراع بين الحكومة وحركة الإخوان المسلمين كان سببا في تعزيز خطاب الكراهية، مقابل (66.4%) من العينة المستطلعة يعتقدون أن تعثر مسار الإصلاح الديمقراطي في الأردن قد عزز وزاد من خطاب الكراهية في الإعلام الأردني.

وأيدت الغالبية العظمى ضرورة تغليظ العقوبات على كل من يقوم بترويج خطاب كراهية في الإعلام، وبنسبة مؤيدين وصلت إلى (91.3%)، مقابل (7.6%) من المستطلعين رفضوا تغليط العقوبات.

وخصصت الدراسة الفصل السابع والأخير لدراسة خطاب الكراهية في الإعلام الأردني وعلاقة الوصل ولفصل بين التسامح الديني وبين الكراهية، وقد استهلت الدراسة في هذا الفصل مفهوم ومضمون خطاب الكراهية في التشريعات الأردنية"الدستور، قانون المطبوعات والنشر، قانون العقوبات، وميثاق الشرف للصحفيين الأردنيين وخلصت الدراسة في هذا الجاني للتأكيد على ان التشريعات الأردنية لم تستخدم بوضوح عبارة"الكراهية" في نصوصها المتعددة، لكنها بالمقابل استخدمت كلمات وتوصيفات تشكل في جوهرها جزءا من مقومات خطاب الكراهية، على نحو التحريض، والتحقير، وعدم المساواة وغيرها من تلك التوصيفات اللصيقة بخطاب الكراهية.

وتوقفت الدراسة مطولا أمام التقرير الذي وضعه المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد في مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة هاينر بيليفيلت، عقب زيارته الميدانية للأردن في الفترة من 2 إلى 10 أيلول سنة 2013 ونصح فيه الأردن باعتماد خطة عمل الرباط وتضمينها في التشريعات والقوانين ذات العلاقة.

وناقشت الدراسة مطولا مكانة التسامح الديني في الأردن باعتباره نقيض التطرف والكراهية، واستعرضت الجهود الأردنية في المجال الدولي والأممي لتعزيز روح التعايش والوئام بين الأديان، وتعظيم اخلاقيات التسامح.

وفي هذا السياق توقفت الدراسة امام رسالة عمان ثم المبادرة الملكية الأممية المتعلقة بأسبوع الوئام بين الأديان الذي أصبح مناسبة دولية أممية يتم الإحتفال بها في  شهر شباط من كل عام.

وقالت الدراسة إنه وبالرغم من أن الأردن أظهر إنحيازا غير محدود للتسامح الديني والوئام بين المذاهب والأديان فقد صدرت تقارير تنتقد الأ{دن في سياساته المتعلقة بالأديان والمذاهب، كما ان جزءا من هذه افنتقادات جاءت بسبب تحفظ الأردن على بعض المواد الواردة في اتفاقيات دولية استثناها الأردن من توقيعه.

وتوقفت الدراسة أمام نماذج من خطاب الكراهية في الإعلام الأردني من خلال رصد خطب التحريض على جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، وهو التحريض ال1ي وصل في بعض الوسائل الإعلامية الأردنية إلى لغة كراهية وتحوين مباشرة ومع ذلك لم تتدخل الحكومات من اجل مساءلة أصحاب هذا الخطاب.

وتوقفت الدراسة أيضا امام نموذج خطاب الكراهية الذي ظهر مليا في وسائل إعلام أردنية ضد اللاجئين السوريين، أسوة بالإعلام المصري، وتعدى هذا الخطاب الكاره والتحريضي اللاجئين السوريين ليصل إلى اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم ولكن بلغة وعبارات  مبطنة.

وناقشت الدراسة كيف تحول هذا الخطاب التحريضي من وسائل الإعلام ليصل إلى مجلس النواب وإلى تصريحات مسؤولين ووزراء.

وتوقفت الدراسة أمام نماذج للتمييز ضد المرأة الأردنية وتحريض على مناصري حقها الدستوري بمنح جنسيتها لأبنائها من زوجها غير الأردني، وكيف تحول هذا المطلب الإنساني والدستوري والحقوقي إلى خطاب أبعد من ذلك عندما أصبح مناهضي الحق يتحدثون عن الاجئين الفلسطينيين والأردنيين من أصول فلسطينية، ليصل هذا الخطاب إلى التمسك بفوبيا الديموغرافيا.

وقالت الدراسة هذا الفصل بالتوقف أمام تأثيرات الصراع الطائفي والمذهبي في سوريا على الإعلام الأردني وكيفية تعامله معه مؤكدة على خطاب الكراهية الطائفية بدا متواضعا جدا في وسائل الإعلام الأردنية الرسمية، إلا انه ظهر بشكل أوضح في الصحافة الإلكترونية، وبشكل طاغي جدا في وسائل التواصل الإجتماعي وتحديدا شبكة الفيس بوك، إلا ان هذا الخطاب لم يغب تماما عن الفضائيات الخاصة، وبدا واضحا وصريحا بشكل لا يقبل الإنكار.

وأكدت الدراسة على أن المساجد الأردنية شهدت أعتى موجة تحريض على الطائفية وتحديدا ضد الشيعة، وبدرجة اقل ضد الأخوة المسيحيين، وهي موجة لم تشهد لها المساجد الأردنية مثيلا من قبل، مما يدلل على أن المساجد نفسها أصبحت جزءا من ماكينة الدعاية الطائفية ضد الشيعة وضد حزب الله، وضد القوميين وحزب البعث، وغيرهم، وتحول حزب الله الذي كانت المساجد تدعو له بالنصر سنة 2006 إلى حزب شيطاني يتم لعنه في المساجد وفي المنابر.

وختمت الدراسة بالناتئج التي توصلت اليها وبالعديد من التوصيات من أجل مجابهة خطاب الكراهية وامتداده في وسائل الإعلام والمجتمع مما سيشكل خطرا فادح التدمير في حال بقيت الدولة والحكومات لا تنظر إليه بجدية ولا تتحرك من اجل مجابهته مبكرا.

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقاً

تتم مراجعة كافة التعليقات ، وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ، ويحتفظ موقع المنتدى العالمي للوسطية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ولأي سبب كان ، ولن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة أو خروجاً عن الموضوع المطروح ، وأن يتضمن اسماء أية شخصيات أو يتناول إثارة للنعرات الطائفية والمذهبية أو العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث أنها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع المنتدى العالمي للوسطية علماً ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط.

Filtered HTML

  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Allowed HTML tags: <a> <em> <strong> <cite> <blockquote> <code> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd>
  • Lines and paragraphs break automatically.

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.