wasateah
المنتدى العالمي للوسطية
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
عدد الزوار page counter
أثر المنظومة النسوية الغربية على الأمن الفكري للأسرة

أثر المنظومة النسوية الغربية على الأمن الفكري للأسرة:

 

الكاتبة: أ. د. ليلى محمد بلخير

 

 

     إذا كانت الأسرة مؤسسة كونية موجودة في كل العالم، فإن خصوصياتنا الثقافية، في دائرة الاستهداف، من قبل الفكر النسوي الغربي، في النزوع لاستثمار قضايا المرأة والأسرة، من أجل فرض" مرجعية قانونية كونية جديدة بدعوى أن تلك المرجعية تمثل مشتركًا إنسانيًا بينما هي في حقيقة الأمر لا تعكس إلّا الثقافة الغربية"(1) بمنطق أحادي متحيز، ولهذا من أهم أهداف هذا البحث ربط الصلة بين النسوية الغربية، وبين المتغيرات الحاصلة في الأسرة الحديثة. والتي تعمل على إضعاف الروابط الداخلية، وضرب التماسك الأسري، بزعزعة الخريطة الإدراكية عن أهمية الأسرة وجدواها في هذا الزمن، مما أجج الصدام بين عناصرها وارتفعت نسب التفكك، والعنف المادي والمعنوي ومن وسائلهم تكوين كوادر من المثقفات العربيات أدبيات وناشطات حقوقيات، يؤثرن في تغيير قوانين الأسرة، وفرض التغييرات في مواقع صنع القرار، وفي المجتمع باستغلال وسائل التكنولوجيا، وتحت إطار التنمية الاقتصادية شجعت النسويات الغربية، على تأسيس شبكات كبرى من المنظمات والجمعيات وعقد المؤتمرات الدولية، والمواثيق العالمية، والسعي الحثيث لرسم استراتيجيات وسياسات لهدم الأسرة، وزعزعة مرتكزاتها وقيمها (2).

وبالتالي كيف تؤثر المنظومة الفكرية للنسوية الغربية على الأمن الفكري للأسرة العربية؟

ومن أجل الإجابة عن هذا السؤال، يمكن القول إن الأسرة هي المحضن الأساسي للتربية وتنمية الشخصية "الطفل الذي يربى داخل الأسرة تصنع قواعد الحياة، مثل التدريب على قول الصدق وتهيئته حسب قدراته لحسن التعامل والاحترام، واحترام الأهل والأقارب وإرساء قواعد الدين، واحترام القانون"(3) بلا إكراه هذا الطفل يكبر والأخلاق عنده سجية، والقيم متجذرة في شخصيته، ويكون عضوًا نافعًا فعالًا.

من أهم أسباب التفكك الأسري، هو العزلة التي فرضتها الوسائط التكنولوجية، وغياب الحوار المؤثر، وتنامي العنف بكل أشكاله، أصبح كل عنصر من عناصر الأسرة، ينظر للحياة وفق المصدر الذي يستقي منه الأفكار، هناك ممارسات تشويش وتضليل تستهدف الإدراك مباشرة، وعقول الأطفال ويافعين -للأسف الشديد- تتغذى على قيم غير قيمنا في أطر مختلفة، ونظرا لقلة خبرة المربين والأبوين، أصبح الأبناء فريسة الإلحاد وضحايا الجرائم والانحرافات الإلكترونية. أوصلتهم للانتحار والاكتئاب والهشاشة النفسية لأن الادراك يتحكم في السلوك.

      ويمكن القول إن الفكر النسوي الغربي، يتمظهر في خطابات متنوعة استغلالا لثقافة الصورة، في ألعاب الحاسوب والرسوم المتحركة، والقصص والمسلسلات، لتسويغ الرذائل، واحتقار الدين والقيم، والتركيز على تغيير المصطلحات لتغيير الطريقة التي يفكر بها العالم نحو الأسرة، واكتساب القبول والإذعان عند الفئات الشابة والأطفال، وتعزيز المشروعية من منطلقات زائفة.

يقول عبد الوهاب المسيري محتجا على الافتقار للبعد النقد، في الدراسات العربية الإسلامية للمفاهيم والمصطلحات. "إننا نكتفي دائما بنقل أفكارهم من وجهات نظرهم، دون أن نطرح أي أسئلة تنبع من رؤيتنا وتجربتنا التاريخية والانسانية ودون أن نتوجه إلى القضايا الكلية والنهائية الكامنة في النصوص التي ننقلها ونشرحها"(4).

مارست النسوية الغربية التضليل بالتوظيف السلطوي للمصطلحات بطريقة مفضوحة،" وهي سهولة تسريب جملة معاني منافية أصلا للمضمون الذي نهض من أجله المصطلح"(5) مثل مصطلح الصحة الإنجابية، معناه تسهيل ممارسة الزنا مع أخذ الاحتياطات حتى لا يقع حمل أو أمراض معدية، وهو كمركب لغوي بريء كل البراءة من هذا المعنى، بل يظهر أنه له علاقة بتنظيم الولادات لدى المتزوجات.

- حضور مصطلحات النسوية الغربية في توجيه ثقافة الأسرة العربية.

حاولت في هذا العنصر، ترتيب مصطلحات النسوية الغربية في جدول، مع تلخيص لأهم متعلقاتها، وفي الحلقات القادمة -بحول الله- نسترسل في تقديم قراءة لهذه المصطلحات ضمن مرجعياتها الفكرية، مع شرح لخط مفارقاتها وإشكالاتها، واستنتاج آثارها ومآلاتها في ثقافة الأسرة العربية. حتى نعرف الإجابة على السؤال المحوري حول أثر مصطلحات النسوية الغربية في توجيه ثقافة الأسرة العربية.

جدل النسوية والتوظيف السلطوي للمصطلحات:

تسعى النسويات للتأثير في المتلقي إلى ترويج عدد هام من المصطلحات من موقع سلطوي، وصار لزاما كشف دلالات هذه المصطلحات وبيان حقيقتها، والموقف المعرفي منها، لأنها تحمل التصور العام للفكر النسوي، إننا نعيش أزمة مصطلح، ونقتات فكريا على ثقافة الآخر، وطرقنا لمجال المصطلحات معناه الإبانة عن الجدل الكبير التي وصلت إليه النسوية الغربية، فهي ترفض النظرية لأنها فعل ذكوري، وتشتغل بتخريج المصطلحات كأنساق لغوية ومحمولات لأفكار دخيلة بغرض السيطرة والتأثير، فهي أساسا تقوم بتغيير المصطلحات، لتغيير نظرة العالم كله لقضايا للأسرة.

وللحديث بقية بحول الله..

أضف تعليقاً

تتم مراجعة كافة التعليقات ، وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ، ويحتفظ موقع المنتدى العالمي للوسطية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ولأي سبب كان ، ولن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة أو خروجاً عن الموضوع المطروح ، وأن يتضمن اسماء أية شخصيات أو يتناول إثارة للنعرات الطائفية والمذهبية أو العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث أنها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع المنتدى العالمي للوسطية علماً ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط.

Filtered HTML

  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Allowed HTML tags: <a> <em> <strong> <cite> <blockquote> <code> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd>
  • Lines and paragraphs break automatically.

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.