يقول الله تعالى في محكم كتابه (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) إن هذه الآية الكريمة تحدد كثيرا من خصائص الدعوة الإسلامية، فهي توضح أن الإسلام دين يشمل البشرية جمعاء، فهو موجه للبشر جميعا على اختلاف ألوانهم وأعرافهم وألسنتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية.. كما يدعو الإسلام المسلمين لإدراك تلك الحقيقة والتصرف إنطلاقا منها، فالإسلام -كما بينته الآية الكريمة- يهدف الى خير البشر جميعا دو تمييز، والى توفير بيئة مناسبة يتنافس فيها الناس في الخير والتقوى لا في الشر والمعصية.
عزيزنا، أتدري ما هدف الإسلام من ذلك كله ؟ إنه التعايش والتدافع من أجل الخير، وإن قانون الإسلام هو تبادل المصالح لا احتكارها، وإدراك خير البشرية لا إلحاق الضرر بها. قال تعالى يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعا».
ويتطلب ذلك مني ومنك ومن المسلمين جميعا أن ننظر نظرة خاصة للآخر: المسلم وغير المسلم على حد سواء، نظرة تقوم على الاهتمام به وبقضاياه ومساعدته على حل مشكلاته ومعاملته بالمساواة والعدل دون تفريق أو انحياز ضده لأي سبب كان.
إن عالمية الإسلام تفرض علينا نحن المسلمين استيعاب الآخر، كما تفرض علينا حماية حقوق البشر وحرياتهم، وذلك انطلاقا من ثوابت الدين الإسلامي نفسه لا من أي ثوابت أخرى.
يقول تعالى « وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".
وإن عالمية الإسلام لترتبط إرتباطا وثيقا بإحدى أهم خصائص الدعوة الإسلامية وهي طبيعتها الوسطية من حيث العبادات والمعاملات على حد سواء، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإعتدال في العبادة وعدم الإفراط أو الغلو في أداء الفرائض.
بهذا البيان القرآني يتحتم على المسلم أن يعيش بهذا الدين في توازن واعتدال لأن الخيرية الوسطية من الحكمة المنطقية التي أودعها الله تعالى في العقل البشري وتحققت هذه الفكرة في الحكمة النبوية «خير الأمور أوسطها».
ومن هنا فإن على المؤسسة التعليمية التربوية مسؤولية تنشئة الأجيال على الوسطية والاعتدال.. فالإصلاح الفكري لا يكون إلا بنشر العلم، لما له من أهمية كبيرة في الإسلام، لذا فقد حث الإسلام على طلب العلم، وأعلى مرتبة العلماء، قال تعالى: «قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون» وجعل الله منزلة العلماء أعلى من منزلة الشهداء، لأن العالم يعرف الحق فيأتيه ويأمر الناس به، يعرف متى يكون القتال، وما هي أساليبه، ومع من يكون؟
غريب عبد الرحمن
منقول عن صحيفة الرأي
بتاريخ:25/1/2011
ابحث
أضف تعليقاً