بقلم: د. نوال أسعد شرار
التديّن غريزة فطرية عند الإنسان خُلقت معه بدلالة أنه لم يخلُ منها عصر أو قوم بل لقد أثبتت الدراسات والاكتشافات أن التديّن لم تخلُ أمة من الأمم في القديم والحديث منه رغم تفاوتهم في درجات الرقي أو الهمجية مما يدل على أنه نزعة أصيلة مشتركة بين الأمم وإن قال بعض العلماء بأنها طارئة على الشعوب نتيجة ظروف خاصة استعمارية أو تضليلية تحكمية أو تخديرية "ثبت فيما بعد خطأ هذه المزاعم" بتأكيد أنه لم يقم دليل واحد على أن فكرة التديّن في جوهرها تأخرت عن نشأة الإنسان، وهي لا تختفي بل لا تضعف ولا تذبل إلا في فترات الإسراف في الحضارة وعند عدد قليل جداً من الأفراد، وفي ذلك يقول أحد العلماء: "لقد وُجدت وتوجد جماعات إنسانية من غير علوم وفنون وفلسفات ولكنه لم توجد قط جماعة بغير ديانة"، مع الإقرار بأن درجة ومستوى التديّن يختلف بإختلاف الشعوب وحالتهم الاجتماعية والثقافية والوعي الفكري لديهم.
ولمعرفة حقيقة مفهوم ومستوى التديّن عند المرأة الأردنية لابد لنا من عدة محاور هي:
مفهوم الدين – مفهوم التديّن – ركائز التديّن – مؤثرات التديّن عند المرأة – سيكولوجية غريزة التديّن عند المرأة ووظيفتها – مستويات التديّن – مظاهر التديّن عند المرأة - توصيات.
أولاً: مفهوم الدين
الدين لغةً من التذلل والخضوع، وهو اسم لكل ما يُعتقد به أو ما يُتعبد الله تعالى به، ويقول الدكتور عبد الله دراز ... أن كلمة الدين لها معانٍ عدة مختلفة فإذا أخذ من فعل متعد بنفسه "دان" دلت على الملك و الحكم والجزاء، وإذا تعدى الفعل "دان" باللام "دان له" دلت على الطاعة والخضوع والاستسلام، وإذا تعدى الفعل "دان" بالباء – دان به – دلت على الطريقة أوالمذهب التي يسير عليها المرء باعتقاده أو الاعتياد عليه.
وتستعمل كلمة الدين في العربية بمعانٍ عدة، منها:
1. القهر والغلبة والسلطة والحكم، يقال دان الناس أي قهرهم على الطاعة، ودِنته أي ملكته، ومنها قوله عليه السلام: "الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" أي قهرها وملكها وذللها لطاعة الله سبحانه وتعالى، أما المدين فهو المقهور والمحكوم والمغلوب على أمره.
2. الطاعة والعبودية والخضوع، يقال دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا.
3. الشرع والقانون والمذهب والملة والعادة والطريقة والتقليد، فيقال ما زال ذلك ديني ودَيدَني أي عادتي وطريقتي.
4. وأخيراً تأتي بمعنى الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب، قال تعالى: "مالك يوم الدين"، ومن الأمثال : كما تدين تُدان، أي كما تصنع بغيرك يُصنَع بك، ومنها "الديّان" بمعنى القاضي وحاكم المحكمة.
وبالإجمال فإن كلمة الدين في اللغة تشير إلى علاقة بين طرفين يعظم أحدهما الآخر ويخضع له، فإذا وصف بها الطرف الأول كانت خضوعاً وانقياداً، وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمراً وسلطاناً وإلزاماً، وإذا نُظر بها إلى الرباط الجامع بينهما كانت الدستور المنظم لتلك العلاقة.
• الدين اصطلاحاً، "قوة سماوية تُعبد وتسيد وتطاع"، وأما في المفهوم الإسلامي فهو:
"وضعٌ إلهي سائقٌ لذوي العقول السليمة باختيارهم إياه إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل"
والدين علاقة بين الإنسان والله، فهو فهل عبادة ناتجة عن إيمان بعد قناعة، ولقد وردت كلمة الدين في القرآن الكريم على عدة معانٍ، (عام ) ويراد به جميع الديانات السماوية وغيرها كما في قوله تعالى : "لكم دينكم ولي ديني" الكافرون /6، و (خاص) ويراد به الديانات السماوية فقط كما ورد في قوله تعالى: "لا تغلوا في دينكم"، و(أخص) ويراد به الدين الإسلامي فقط كما في قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام" آل عمران/19.
ولقد حاول العديد من المفكرين تعريف الدين من منطلقات عدة فبعضهم عرفه من منطلق روحي يقيني وبعضهم من منطلق إلحادي أو عقلاني محض والبعض الآخر حاول دراسته كظاهرة اجتماعية أو نفسية أو فلسفية، فهو مثلاً عند علماء الاجتماع وعلم الإنسان مجموعة مجردة من القيم والمثل، أو الخبرات التي تتطور ضمن المنظومة الثقافية للجماعة البشرية.
ومن مجمل التعريفات يمكن إجمال مميزات الأديان كافة بما يلي:
- الإيمان بوجود إله خالق للكون والعالم متحكم بالبشر وجميع المخلوقات.
- وجود طقوس تعبدية يُقصد بها تبجيل الإله أو الأشياء المقدسة.
- وجود تميز بين عالم المادة وعالم الأرواح.
- يشتمل الدين على قانون أخلاقي يجب اتباعه من جميع الناس.
- أفعال حركية يقصد بها الإتصال بالإله أهمها الصلاة.
- وجود مبادئ شرعية لتنظيم حياة الناس وفق رؤية كونية.
- رؤية كونية لكيفية تنظيم الإله لشؤون الكون والعالم.
ثانياً: أ- مفهوم التديّن
- للتدين مفاهيم عدة أهمها، الإيمان بذات إلهية جديرة بالطاعة والعبادة والالتزام بجميع أوامره واجتناب جميع نواهيه.
- فعل الخير وترك الشر والتحلي بالخُلُق.
- فعل الخير وترك الشرك والابتعاد عن الخلاف.
- وعرّفه الدكتور عبد الله دراز بأنه :" الاعتقاد بوجود ذاتٍ غيبية علوية لها شعور واختيار ولها تصرف وتدبير للشؤون التي تُعنى بالإنسان، اعتقاداً من شأنه أن يبعث على مناجاة تلك الذات السامية رغبة ورهبة وخضوعاً وتمجيداً"
- كما عرفه البعض بأنه الالتزام بالتعاليم والأوامر الشرعية في كل شأن من شؤون الحياة صغيرها وكبيرها وهو متفاوتٌ في الدرجات حسب طبيعة المتدين.
- وقال آخرون هو الاستقامة على منهجٍ إلهي، قال تعالى: "فاستقم كما أمرت" وقال أيضاً: "اهدنا الصراط المستقيم".
ب- درجات التديّن
للتدين درجاتٌ أعلاها الاستقامة بكل الأقوال والأفعال والحركات والسكنات كما أمر الله تعالى بقوله:"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير" هود/112
ومنها الالتزام بالتعاليم والأحكام بما يوافق الشرع دون الخوض بالتفاصيل، وأدنى درجاتهٍٍٍ التديّن السطحي ويظهر بالتلبس ببعض مظاهر التديّن الخارجية فقط مثل المواظبة على صلاة الجمعة فقط وحمل السبحة واللباس الشرعي للمرأة بينما القلب والروح بعيدان عن ذلك، فهي ممارساتٌ سلوكية بحكم العادة أو الحياء الاجتماعي فهو أقرب إلى التديّن القشري.
ج- ركائز التديّن
التديّن الحقيقي عند المرأة لابد أن يرتكز على عدة أسس، أهمها:
• النية الصادقة الخالصة لله تعالى والبعد عن الرياء وطلب مديح الآخرين حتى لا يكون تديناً قشرياً.
• العلم والحكمة للتمييز بين الواجبات والمحرمات لإمكانية الترجيح.
• المواظبة والتدرج وعدم الإغراق مرة واحدة لأن الدين عميق إذ حثت أحاديث نبوية كثيرة على الالتزام به برفق حتى لا تنفر النفس.
• الاعتماد على الله تعالى وطلب العون منه "وما توفيقي إلا بالله" ....
• عدم اليأس من رحمة الله تعالى والإقبال على التوبة، فالتديّن يحتاج إلى صبرٍ ومجاهدة.
• عدم المجاهرة بالعصيان لأنها تجرؤٌ على الله تعالى أو مساهمة في تجرؤ الآخرين عليها.
• عدم الإغترار والمفاخرة بما قدمتَ من حسنات وأعمال صالحة.
د- سيكولوجية التديّن
خلق الله تعالى الإنسان وزوده بطاقة حيوية متعددة الأشكال منها ما لابد من إشباعه للبقاء على الحياة مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والنوم ...وغيرها، وبعضها لا يؤثر على استمرارية الحياة وإنما يُحدث فقدها الاضطراب والقلق لنفسي الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب، وهي الغرائز التي تنقسم إلى ثلاثة أنواع: غريزة حب البقاء ، وغريزة حفظ النوع، وغريزة التديّن التي ميز الله تعالى به الإنسان عن باقي المخلوقات.
ولكل غريزة من هذه الغرائز مظاهر مختلفة، ذلك أن الغريزة تختلف عن المظهر بأن الغريزة دائمة في الكائن الحي لا يمكن تجاهلها أو قتلها لأن الله تعالى غرزها فيه، أما المظهر فهو غير دائم ويمكن أن يتغير أو أن يطغى عليه مظهر آخر وهذا ما يفسر اختلاف مظاهر التديّن من فترة لأخرى ، أو من مكان لآخر مع بقاء التديّن لأنه غريزة.
فمن مظاهر غريزة حب البقاء الخوف ، والتحدي، وحب الظهور، ومظاهر غريزة حفظ النوع العلاقات الجنسية والأمومة والأبوة والقرابة والصداقة، وهذه واضحة في الكائن الحي عموماً الإنسان وغيره، أما غريزة التديّن فهي خاصة بالإنسان لأنها تتعلق بما أكرمه الله تعالى به من العقل والتفكير، فهي تدعوه إلى التفكير في آيات الله تعالى والنظر في بديع خلقه وصنعه، وهي ثابتة يشعر بها الإنسان دائماً بالحاجة إلى خالقٍ مدبر يلجأ إليه في جميع الأوقات خاصة الأوقات الشديدة، وهذا الشعور فطريٌ عند الإنسان من حيث هو إنسان سواء كان مؤمناً بوجود الخالق أم كافراً به ومؤمناً بالمادة أو الطبيعة أو الصدفة أو أية قوى أخرى يؤمن بها، وهذا الشعور حتميّ مع كل مخلوق يُعتبر جزءاً من تكوينه لا يمكن أن ينفصل عنه، وفي ذلك يقول الأستاذ محمد فريد وجدي : "... ويستحيل أن تتلاشى فكرة التديّن لأنها أرقى ميول النفس وأكرم عواطفها ... ففطرة التديّن ستلاحق الإنسان ما دام ذو عقلٍ يعقل به الجمال والقبح وستزداد هذه الفطرة على نسبة علو مداركه ونمو معارفه...." ، مما يؤكد أن العلم وزيادة المعرفة لا تؤثر سلباً على التديّن بل العكس، فكلما ازداد الإنسان علماً صحيحاً ازداد عنده التديّن، مما يؤكد أن نهاية العلم البشري ليست في إطفاء غريزة التديّن بل زيادة إشعالها.
إشكالية تديّن الملحدين...
يظهر هنا سؤالٌ كيف نوفق بين كون التديّن غريزة ثابتة في النفس البشرية ومظاهر الكفر والإلحاد عند الملحدين بإعراضهم عن العبادة بل الاستهزاء بها أحياناً وانتماءاتهم المختلفة... ؟!
وجواب هذه الإشكالية بأن غريزة التديّن عندهم تحولت من عبادة الله تعالى وحده إلى عبادة ما يعتقدون به ويقدسونه من أشخاصٍ وأفكارٍ ومبادئ ويظهر ذلك بما يتغنون به من أفكارٍ وشعاراتٍ ويملؤون به بيوتهم من صورٍ وتماثيل.
ونستنتج من ذلك أن الكفر والإلحاد أصعب على النفس البشرية من الإيمان، لأنه تحويلٌ للغريزة عن مظاهرها وصرفٌ للفطرة ومقاومة لنداءاتها وهو ما يفسر كثرة الأمراض النفسية عند الملحدين من القلق والتوتر وسرعة الانفعال وأحياناً الانحرافات والاكتئاب، ما أن تظهر لهم حقيقة الإيمان وتلامس غريزة التديّن عندهم حتى يشعروا بالراحة والطمأنينة التي حرموا منها بل قد يكون ايمانهم أرسخ وأقوى.
إن التديّن بعد الإلحاد يأتي قوياً لأنه عن يقين ويرتبط بالعقل فتلتقي الفطرة السليمة بالعقل الصحيح فيكون الإيمان أقوى واشد والأمثلة على ذلك كثيرة في الماضي والحاضر، وفي ذلك يقول أحد العلماء المعاصرين: "نحن مبرمجون لنؤمن" .
وفي دراسة جرت في جامعة منسوتا ثبت أن التديّن ليس محدداً بفعل البيئة فحسب وإن كان لها أثرٌ كبير، بل للجينات دورٌ مهم في ذلك. والجينات هنا تعني الفطرة والغريزة بالمفهوم الإسلامي ، كما يقول علماء الأنثربولوجيا : إن بنية دماغ الإنسان مصنوعةٌ بشكل يؤهلها للتدين والإيمان خاصة إذا وجدت من يساعدها على ذلك، فهو أرضٌ خصبة للاعتقادات الدينية.
هـ- وظيفة التديّن
التديّن أمرٌ ضروري لتكميل القوى الأساسية عند الإنسان، تكمل به القوى النظرية إذ يجد بها العقل ما يشبع نهمه وهو ضروريٌ أيضاً لتكميل قوى الوجدان من العواطف النبيلة كالشكر والحب والتواضع والحياء والاحترام وغيرها وهو كذلك ضروريٌ لتكميل قوى الإرادة لأن التديّن يمدها بأعظم البواعث والدوافع ووسائل مقاومة عوامل اليأس والقنوط ، هذا فكما جاز للعلماء تسمية الإنسان بأنه "حيوان مفكر" جاز أن نقول أنه "حيوان متدين بفطرته".
وكما أن التديّن غريزي وضروري جداً للفرد فهو كذلك أمرٌ هامٌ جداً للمجتمعات لتنظيم علاقة أفرادها وحفظ حقوقهم وإخضاعهم للقانون والسلطة، فالتديّن خير ضمانٍ لقيام التعامل بين الناس على قواعد العدالة والإنصاف فهو ضرورة اجتماعية كما أنه فطرة إنسانية.
ثالثاً:أ- مؤثرات التديّن عند المرأة الأردنية
إن المرأة في المجتمع الأردني تمارس التديّن كغريزة وفطرة إنسانية سواء كانت متعلمة أو أمية ، غنية أو فقيرة، متزوجة أو عزباء، وفي أية بيئة كانت المدينة أو الريف أو البادية، إلا أن تدينها يعتريه إشكالياتٌ كثيرة نظراً لارتباطه بتكوين المرأة النفسي ومكانها كعضو فاعل في المجتمع، كما يعتريه مؤثرات عدة أهمها:
• البيئة المحيطة، وأهمها الأسرة وصحة مفهوم التديّن فيها، ومن خلال استطلاع تبين أن مفهوم التديّن عند المرأة في الأردن تأثر بتدين الأم في الطفولة أكثر، ومن ثم الأب والأصدقاء ثم الأقارب.
• تأثير مستوى التديّن طردياً مع مستوى الثقافة التي تتمتع بها المرأة ومدى وعي وحرية التفكير عندها.
• تأثير المناهج الدراسية في مرحلة الدراسة الأولى وكذلك في المرحلة الجامعية التي يكون فيها التأثير أقوى.
• وسائل الإعلام المختلفة، من أهم المؤثرات والتحديات الخارجية مثل العولمة والعلمانية التي لا يخفى تأثيرها على تدين المرأة من خلال برامج متقنة الإعداد موجهة لهدف معين تُنَفذ في البلدان الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً.
• التقاليد والموروثات الاجتماعية والأعراف الجائرة التي اختلطت بالمفاهيم الدينية والتبست على بعض النساء حتى أصبح لها قوة الأحكام الشرعية، علماً أن بعضها كان نتاج تأثير الاستعمار وانحراف الخطاب الديني الذي كان يعتبر الزهد ونبذ الحياة أهم علامات التديّن.
• تأثير دور الأزياء العالمية واهتمامها الشديد المعاصر باللباس الإسلامي انعكس على مظاهر التديّن عند المرأة بتعدد أشكال وألوان الحجاب الشرعي.
• أثر الدعاة الجدد بما فيهم الداعيات وما يُعرف "بالقبيسيات" خاصة على الفتيات وصغار السن.
• التردد على المراكز الدعوية ودور تحفيظ القرآن الكريم طواعيةً واختياراً أم بإرغام الأهل.
• الإكراه على الحجاب سواء باللباس الشرع الكامل أو بغطاء الرأس فقط كعادة اجتماعية أو من الأهل والزوج.
• تقييم المرأة حسب مظهرها الخارجي المعاصر خاصة عند تقدمها لبعض الوظائف التي تشترط لباساً خاصاً وأثر النظرة الاجتماعية للمرأة المحجبة أو السافرة.
• مؤثرٌ عاطفي – لا يمكن تعميمه على جميع النساء – إذ تؤثر العاطفة على تدين المرأة ومظاهره تبعاً لسيكولوجية تكوينها، بينما يكون تدين الرجل أقرب إلى العقل.
ب- مستويات التديّن عند المرأة الأردنية
تبعاً لمؤثرات التديّن السابقة يمكن تصنيف مستويات التديّن إلى أربعة مستويات رئيسية:
1- مستوى متدني يعتبر التديّن أمراً شخصياً بين المرأة وربها ولا علاقة له بتنظيم حياتها العملية وعلاقاتها مع الآخرين، كما أنه لا يرسم لها منهاج حياةٍ دنيوي، وهذا المستوى نابعٌ من مفهوم يتبنى الفكر الغربي العلماني الذي يفصل بين الدين والحياة، ويعتبر التديّن ظاهرة اجتماعية قائمة على الوهم والتضليل بل يعتبر أن ممارسة سبل الحياة بمعزلٍ عن الدين دليل التقدم والحضارة وهو الطريق السليم للخروج من واقع التخلف والجهل الذي تعيش فيه المرأة الأردنية في بعض البيئات.
كما تعتبر هذه المرأة أنه لا تعارض بين التديّن وممارسة الحياة العصرية بكل ما فيها من انفتاحٍ ومخالفةٍ لروح الشريعة، وإنما هو تقدمٌ ومواكبة للتطور والحضارة الغربية "النموذج الأمثل عندها"، كما تعتبر أن الإيمان مكانه القلب.
وفي هذا تكريسٌ للمفهوم السلبي للتدين الذي يرى أن التديّن عبادة له أهداف فردية لا علاقة له بالمجتمع وتنظيم علاقات الأفراد فيه، وهو أمر شخصي بين المرءِ وربه وحرية فردية.
إن هذا المستوى من التديّن يعكس ازدواجية للفكر والشخصية وقعت فيها الكثير من النساء – للأسف – اللواتي رفضن التحصن بالثقافة الإسلامية واتخاذ الدين منهاج حياة في محاولة للظهور بالتقدمية ومحاربة الرجعية التي ترتبط عندهن بالدين، فتنكّرن لهويتهن الحضارية وانعكس ذلك على سلوكهن وممارستهن الحياة اليومية، مما عمل على تعطيل وتهميش الشريعة وأحكامها، والأمثلة على ذلك كثيرة أوضحها نموذج تلك المرأة التي تطالب بالمساواة التامة مع الرجل، أو تلك التي تتزعم الحركات النسائية التحررية التي تهدف إلى التحرر من الدين.
هذه الفئة من النساء تمارس بعضها التديّن بصورة مجزأة تُفقد الشعور الديني فعاليته وتفصله عن الفطرة السليمة وعن كونه غريزة ويتحول إلى مجرد طقوسٍ وعادات اجتماعية مثل ما يرافق شهرَ رمضان أقرب إلى الطقوس كالسهر في الخيام والبذخ في الطعام والشراب والتنافس بالزينة الرمضانية كذلك الاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية.
ومن حسن الحظ أن هذا المستوى من التديّن عند فئة قليلة من الأردنيات، بالإضافة إلى أن عدداً منهن يتوصل إلى الحقيقة ويسعى إلى ردم الفجوة التي افتعلها بين الدين والحياة.
2- مستوى إلتبست فيه التعاليم الدينية بالموروثات الشعبية يظهر بتصدر شعبي خرافي للدين مستمدٌ من موروث اجتماعي دون محاولة وضعه في إطار الضوابط الشرعية، وغالباً ما يكون ذلك بحسن نية من المرأة نتيجة جهلها بالأحكام الشرعية وقناعتها بأن ما تقوم به من روح الشريعة، أو بإصرار المكابر على أن هذا هو التصور الصحيح للإسلام وتدافع عنه بكل قوتها، فيكون سلوكها في التديّن مستمداً من معلوماتٍ ناقصة مرتبطةٍ بالتحليل الخرافي للدين ناسية أو متناسية أن ممارسة التديّن الحقيقي لا يكون إلا بالتفقه بالمصادر الشريعة حسب القدرة والاستطاعة، وما عداه فهو تقليد قد يؤدي إلى سلوكٍ منافٍ للشريعة.
هذا المستوى من التديّن يجعل عبادة المرأة ومظاهر تدينها آلية مقلِّدة لما وجدت عليه آباءها، ومثاله قيام بعض النساء – حتى في الأوساط المثقفة – بقراءة الكف والفنجان أو التجائهن إلى المشعوذين لتسهيل أمور حياتهن مثل الإسراع في الزواج أو تطويع الرجل لرغباتهن والإنجاب وغيرها من المظاهر التي سنتكلم عنها لاحقاً.
3- مستوى تتبنى فيه المرأة تياراتٍ فكريةً متشددة في تطبيق الأحكام الشرعية وممارسة العبادة، ينطلق من مفهوم خاطئ للتدين وهو إما نتيجة توجيه منابع عرفية خالصة أو ردة فعل قوية معاكسة لما يتعرض له العالم الإسلامي من تحديات، تُظهر المرأة في هذا المستوى تعصباً شديداً وعنفاً في التعامل مع الآخرين خاصة ممن تعتبرهم خارجين عن الدين، تتشدد في مظاهر تدينها من لباسٍ ومخالطة الآخرين ، تركز على الترهيب أكثر من الترغيب ، الحرام عندها هو الحكم الغالب للكثير من المعاملات هرباً من الوقوع في المعصية وسوء الظن عندها عصمة.
هذا المستوى نتج عن سوء فهمٍ لمقاصد الشريعة الإسلامية.
4- مستوى مقبول من التديّن ينطلق من وعيٍ بأحكام التديّن ومبادئه ومقوماته ودقة في مظاهره، يصاحبه اعتزازٌ وتفاخر بالهوية الثقافية الإسلامية والحضارة التي أعطت للعالم الكثير من القيم والأخلاق - بغض النظر عن تفاوت هذا الوعي بين التعمق والسطحية ومخالطة العصبية القبلية والعشائرية – إلا أنه مستوى يدل على وضوح الرؤية نتج عنه استخدام المرأة للفكر والعقل ومحاولة لتطبيق أحكام الشريعة باعتبارها كلاً لا يتجزأ حافظت فيه المرأة الأردنية على مبدأ الوسطية الذي دعا إليه الإسلام، فكان مفهومها للتدين وممارستها للعبادة أقرب إلى الفطرة السليمة – ولو بشكل نسبيّ- .
فئةٌ من نساء هذا المستوى قامت بواجبها التوعوي لتوجيه النساء إلى الطريق السليم في التديّن برفض التشدد أو التساهل في تطبيق الأحكام عن طريق منتديات وتجمعات بالمنازل الخاصة أو المراكز في محاولة لدفع الشبهات التي تُثار حول الإسلام والتصدي لتحديات العولمة.
هذا المستوى يعكس مفهوماً راقياً للتدين ووعياً فكرياً خلافاً للمستويات الثلاثة السابقة التي عطلت الفكر عند المرأة وجعلتها تعيش في انغلاقٍ عن العالم الخارجي، أو في تبعية وتقليد للموروثات الاجتماعية الخاطئة المنحرفة عن السبيل القويم أو لأفكار مستوردة من مجتمعاتٍ فصلت بين الدين والحياة وفهمت نصوص الدين على غير حقيقتها أو لوت أعناق النصوص لتناسب هواها، أدى إلى حياة وممارسات لا تمت لحقيقة الدين وروح الشريعة بِصلة، بل أصبح التديّن وممارسة العبادة مجموعة من الإكراهات التي تواظب عليها المرأة المسلمة دون روح أو شعور بالطمأنينة كما يفترض أن يكون من غريزة التديّن التي تبعث السعادة والهدوء والسلام.
رابعاً: مظاهر التديّن عند المرأة الأردنية
بالإجمال يمكن تصنيف مظاهر التديّن إلى نوعين:
الأول: مظاهر التديّن الرسمي
انطلاقاً من الدستور الأردني الذي ينص على أن دين الدولة الإسلام فقد درجت بعض الجهات الرسمية برعاية المناسبات الدينية تم حديثاً إشراك المرأة ببعض فقراتها الرئيسية والتي قد تكون الأهم، كما قامت وزارة الأوقاف مؤخراً بتعيين عددٍ من النساء في مديرياتها بمختلف المحافظات بوظائف عدة أهمها الوعظ والإرشاد ليقمن بأداء دورهن الرسمي الدعوي والتوعوي في المساجد، كما عملت الوزارة على إقامة ورعاية مراكز لتحفيظ وتفسير القرآن للمرأة والتي يُلاحظ تزايد إقبال النساء عليه من جميع الفئات العمرية.
الثاني: مظاهر التديّن الشعبي
وهي المظاهر التي تمارسها المرأة بعيداً عن المظلة الرسمية وتختلف هذه المظاهر تبعاً لمفهوم ومستوى التديّن عندها، إلا أن التديّن يعتبر عندها في المقام الأول قبل أي اعتبار ثم الهوية العربية والوطنية.
• كما يلاحظ بوضوح الازدواجية بالهوية بين الدين والانفتاح على العالم المادي، وهناك عند الكثرة جوانب من المغالطات الدينية التي تمارسها المرأة عموماً – على اختلاف شرائح المجتمع – نتيجة اختلاط المبادئ العقائدية بالموروث الاجتماعي، والتخبط في مفهوم الحجاب وشكله دليلٌ واضحٌ على ذلك.
• كما يظهر تأثير العامل الثقافي والسياسي على عملية فهم التديّن عند المرأة الأردنية وتطبيقه بالشكل النموذجي الصحيح ومثاله نموذج المرأة التي تنتمي إلى الأحزاب الدينية وتتبنى فكرها السياسي - مع قلة هذا العدد، لأن معظم النساء الأردنيات تنأى بالالتزام الديني عن الصراع السياسي أو الحزبي - .
• الكثير من الممارسات لطقوسٍ دينيةٍ ترغب فيها المرأة التقرب إلى الله تعالى للشعور بالروحانية والراحة لا علاقة لها بالجانب الروحي وإنما تتصل بالعرف الاجتماعي الموروث من المنظومة التربوية أو الناتج عن الانحراف الفكري في فترات زمنية معينة ساد فيها انحراف الخطاب الديني – مثل الاحتفال بليلة النصف من شعبان وقيام صلاة خاصة بها، أو الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وبعض البدع المتصلة بها ... الخ – أو ممارسات تتصل بالفلكلور الشعبي الخاص بكل منطقة مثل تقاليد الأفراح والأتراح ومراسم الختان في بعض الأحياء الشعبية التي يظنها البعض من تعاليم الدين.
• أما المظهر الأكثر وضوحاً عند الفتيات وخصوصاً المتعلمات تعليماً عالٍ فهو مفهوم الحجاب الذي أُختصر عند العديد منهن ليصبح غطاءاً للرأس فقط يقوم بوظيفة إخفاء الشعر فحسب وبناءاً على ذلك أصبح له عدة موديلات وأشكال بعضها يخالف الأصل الشرعي للحجاب، مثل إظهار جزءٍ من الرقبة وأقراط الأذان، وبعضها وردت به نصوص نهيٍ صريحةٍ من السنة النبوية كالمبالغة في رفع الشعر تحت غطاء الرأس "كأسنام البخت المائلة" ، وكذلك ارتداء الملابس القصيرة أو الضيقة ذات الألوان الجاذبة حتى أصبح مفهوم الحجاب عند البعض من تلك الفتيات خاصةً في مرحلة الدراسة الجامعية لا يتعارض مع إظهار الزينة المحرمة مثل النمص وتزيين الوجه بأصباغٍ مختلفة وطلاء الشفاه والأظافر، والغريب أن البعض اعتبرن مثل هذه الأمور سمة متطورة للفتاة المعاصرة لا يتنافى مع التديّن، بل إنه من الواجبات لنفي شبهة الجمود عن الإسلام، حتى بدأت هذه الممارسات تظهر في ملابس يفترض أن تكون الأكثر التزاماً واحتشاماً مثل ملابس الإحرام للحج والعمرة التي غزتها الموضة بالأشكال والألوان والزخارف، وهو ما يحلو للبعض تسميته التديّن الجديد ويقصدون الجمع بين العادات الموروثة والموضة المعاصرة مع مبادئ وأحكام الدين.
• ومن المظاهر زيادة الاهتمام بالممارسات الدينية التعبدية مثل الإقبال اللافت على رحلات الحج والعمرة وشهود المساجد لحركة نسائية كبيرة تجاوزت حضور صلاة الجمعة والعيدين والاستماع لدروس الوعظ والإرشاد إلى العناية بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظاً على طريقة السند وتفسيراً في محاولة لمواجهة العلمانية والانفتاح الحضاري الزائف، هذا بالإضافة إلى ارتياد مراكز تحفيظ القرآن الرسمية.
• ظهور التنظيمات الدينية الخاصة وأهمها شيخات المنازل أو ما يسمى "بالقُبيسيات" وهي حركة نسائية بدأت أصلاً في سورية تُنسب إلى الشيخة منيرة القُبيسي التي استطاعت تأسيس جماعةٍ خاصةٍ بها ولقد انتقلت هذه الفكرة إلى الأردن عبر تلميذاتٍ لها قمن بإنشاء جمعيات خيرية وتكوين تجمعات نسائية أهمها ما يطلق عليها (الطباعيات) نسبة إلى فادية الطباع ومن الملاحظ أن رواد هذه التجمعات من الأوساط الثرية، وتتولى داعية إعطاء دروس دينية فيها ولهن طقوس خاصة بهن لا يحببن أن يطلع عليها أحد أهمها أنهن يفضلن الحياة الآخرة على الحياة الدنيا ولهن نشاطات في الأعمال الخيرية ويتميزن بلباسٍ خاص ويُقال أن القبيسيات يشكلن الظل النسائي للإسلام السياسي مع أنهن لسن تنظيماً بل تشكيلاً وتثار حول القبيسيات عدة شبهات لا مجال للخوض فيها، علماً أن أغلب هذه التجمعات تعاني من اختلاطات عقدية ومعرفية في ظل غياب مناهج واضحةٍ.
• شيوع ظاهرة الفرق الدينية النسائية للإنشاد الذي يرافقها ضربٌ على الدفوف تشارك بالاحتفالات المنزلية ذات الطابع الديني غالباً بأجر كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف أو قضاء نذرٍ أو لشفاء مريض أو احتفالات التخريج.
• انتشار الإقبال على التعامل بالبخور واعتباره من أساسيات التديّن لدفع العين والحسد خاصة عند شراء المنازل أو السيارات.
• شيوع الأفراح الدينية وذلك بإحياء حفل الزفاف أو الخطوبة بكلمات دينية على ألحان أغانٍ معاصرة مشهورة تنتشر بشدة بين الشباب.
• التزام المرأة الأردنية بشكلٍ عامٍ بأحكام الشريعة مثل ذبح العقيقة لاعتبارها سنة مؤكدة والمواظبةِ على زكاة الحلي والأسئلة الفقهية الدائمة عن أحكام في فقه المرأة المسلمة خاصة في شهر رمضان.
• ومن المظاهر متابعة القنوات الفضائية الدينية والاستماع لبرامج الفتاوى والحرص على مشاهدة خطبة صلاة الجمعة ممن لا يذهبن إلى المساجد.
مظاهر التديّن عند المرأة الأردنية النصرانية
1- الحرص على ارتياد الكنائس أيام الأحد وفي الأعياد.
2- ضرورة إجراء مراسم الزواج في الكنيسة لمباركة رجال الدين.
3- القيام بطقوس (الاعتراف) خاصة بعض اقتراف معصية مع ملاحظة اختلاف مفهوم المعصية عندهن.
4- لبس ما يدل على التديّن عندهن من قلادات تحمل رموز دينية كالصليب ومجسمات تدل على المسيح والعذراء.
5- معاملة الناس بالمحبة والسلام.
6- اللباس المحتشم في أماكن العبادة.
7- إظهار الفرح في الأعياد والمحافظة على الطقوس الخاصة بها مثل لباس سانتاكلوز وصبغ البيض وغيرها.
خامساً: استطلاع آراء المرأة الأردنية:
وفي استطلاع لمعرفة مفهوم المرأة الأردنية للتدين ومظاهره شمل تسعين امرأة (خمسة منهن نصارى) ، ستون منهن طالباتٍ جامعيات وثلاثون عاملات وربات منزل، كانت النتائج ما يلي، علماً بأن الاستطلاع ليس تحليلياً ولم يعتمد على استبانة:
أولاً: مفهوم التديّن
20% يعتبرن أن التديّن أمرٌ فرديّ بين الإنسان وربه لا علاقة للآخرين به.
35% قلن أن التديّن لابد أن يتأثر بالحضارة الحديثة والانفتاح على الغرب.
42% فقط يعرفن شعائر الإسلام الصحيحة ومعظمهن من المستوى الجامعي مما يعكس ضعف الثقافة والوعي الديني الصحيح.
8% أقررن بعدم اعترافهن بالدين بالشكل المطلوب وإتجهن نحو العلمنة.
86.2% يسعين لزيادة المعرفة الدينية وأظهرن اهتماماً برفع مستوى التديّن، وطالب عددٌ منهن بعقد محاضراتٍ وندواتٍ عامة في هذا الشأن.
92.8% أقررن أن التديّن هو الوحيد لتهذيب السلوك وتقويم الأخلاق وتماسك المجتمع، مع مفارقة أن بعضهن يؤمنَّ بالعلمانية، مما يدل على أن المرأة الأردنية عموماً تحترم الدين.
17% يرفضن أن يكون عدم التديّن هو السبب الرئيسي في المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الأردني وتُرجع ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية وغياب الرقابة الأسرية.
88% أقررن بأن للتدين علاقة وثيقة بالصحة النفسية وزيادة الثقة بالنفس.
42% يرون أن للتدين علاقة بالعلاج والشفاء لعديدٍ من الأمراض العضوية.
38% يفضلن الفصل بين التديّن بصفته عقيدة وبين العمل بصفته تطبيقاً لها.
15% يخشين التديّن حتى لا يوصفن بالأصولية والرجعية والتخلف عن مواكبة الحضارة.
91.6% يرون أن مفهوم التديّن في الإسلام وما يقوم عليه من مبادئ يشغل حيزاً كبيراً يتجاوز دائرة ممارسة الشعائر الدينية ليشمل كافة المعاملات والعلاقات مع الذات ومع الغير وبأن الدين المعاملة.
هذا وقد تنوعت مفاهيم المرأة الأردنية للتدين ومن أمثلة ذلك:
• التديّن أن ترتبط المرأة بالاستعفاف والعفة وتبتعد عن سبل الاتصال المنفلت بالجنس الآخر.
• التديّن اتباع وليس ابتداع، استسلام لله تعالى وخضوع لتعاليم الإسلام ومبادئه، به ثوابت غير قابلة للتطوير والتبديل وأحكام الفروع مسؤولية المجامع الفقهية لا يجوز أن تخضع للآراء الفردية وفتاوى القنوات الفضائية خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة.
• العمل بأحكام الشرع من القرآن والسنة والسؤال عما أشكل فهمه.
ثانياً: مظاهر التديّن
32% قلن أن لا علاقة بين التديّن والمظهر الخارجي للمرأة إذ التديّن الحقيقي في القلب وبالمقابل
40% قلن أن من كَثُر اهتمامها بلباسها ومظهرها البعيد عن تعاليم الدين قل اهتمامها بالدين.
38% يمارسن شعائر الدين بالتقليد مع ما فيه من موروثات اجتماعية بعضها منحرف.
21% يتمسكن بتعاليم الدين بتعمقٍ وتشددٍ بتأثير البيئة الاجتماعية والتربية الدينية.
51% يحضرن محاضرات ودروس دينية في المساجد والمراكز ويشاهدن القنوات الفضائية الدينية.
74.8% يؤدين الصلاة يومياً ، 60% منهن بانتظام وبأوقاتها.
94.1% يلتزمن بصيام رمضان مع أن بعضهن لا يصلي.
89% يرتدين اللباس الشرعي معظمهن من ربات البيوت علماً أن نسبة العاملات من العينة 14%.
67.3% يعتبرن أنهن مسلمات ملتزمات بالدرجة الأولى بغض النظر عن المظاهر – لا يقصدن اللباس الشرعي – مما يدل على أهمية القيم الدينية في التفكير في المجتمع الأردني.
92% يحفظن بعض السور والآيات القرآنية مقابل 8% لا يحفظن سورة كاملة باستثناء سورتي الفاتحة والإخلاص.
92% منهن مع ارتداء الحجاب مع أن بعضهن غير محجبات.
68% يرتدين الجلباب ويفضلونه لأسباب دينية واجتماعية.
24% ارتدين الحجاب بالتقليد أو برغبة الأهل أو الزوج.
11% منهن غير محجبات بعضهن مقتنعن بالحجاب ولا تجرؤن عليه لأسباب عدة أهمها نظرة بعض فئات المجتمع وسوق العمل ...
87% ترفضن القروض البنكية والتعامل بالربا، و6% منهن يوافقن عليه للحاجة والسكن.
ملاحظات على الاستطلاع:
برزت عدة ملاحظات على الاستطلاع يمكن اختصارها بما يلي:
• أصالة وعمق مستوى التديّن عند المرأة الأردنية عموماً المسلمة وغير المسلمة بغض النظر عن درجة الالتزام بالشعائر التعبدية والتعاليم الدينية، وهذا لا ينفي السطحية عند البعض.
• المفهوم العام للتدين عند المرأة بالرغم من اختلافهن في مفهومهن الخاص سطحي مختلط بالموروث الاجتماعي.
• أكد الاستطلاع أن المرأة المتزوجة أكثر حرصاً على ممارسة الشعائر الدينية والتمسك بأحكام الشريعة.
• مفهوم التديّن عند الغالبية العظمى يوجب على المرأة تطبيق الدين بجميع أحكامه ومبادئه في جميع شؤون الحياة، خاصة في علاقاتها مع الآخرين وإنه الطريق الوحيد لخلق مجتمعٍ متوازن مع القناعة التامة بأن الإسلام منهج حياة ينظم حياة الأفراد والجماعات بفعالية تدفع الجميع للتقدم والابتكار والتطور الدائم مع مستجدات الحياة المعاصرة.
• قلةٌ من اعتبرت أن الدين عائقٌ للتقدم وأن نجاة المرأة والمجتمع بالأفكار المستوردة.
• الالتجاء الفطري عند المرأة لله تعالى في الأزمات والمشاكل هو الأكثر وضوحاً وكذلك قبول النصح الديني عندها يفوق الإرشادات التربوية الأخرى، مما يعكس أن المرجعية الدينية في جميع الاحكام عندها في المرتبة الأولى وتقديم كلام الله تعالى ورسوله على أي كلام، مع المحافظة على مكانة المرجعية العشائرية وهيبتها.
• إظهار الإعجاب والاحترام للمرأة الملتزمة بالحجاب الشرعي ظاهرةٌ واضحةٌ عند المرأة الأردنية، وإن لم تكن هي ملتزمة وكذلك احترام العلماء ورجال الدين.
• أسباب ضعف التديّن عند البعض سطحية وغالباً نتاج التنشئة في البيت أو التعليم والإعلام أو نتيجة فكرٍ مستورد.
• التديّن عند بعض المثقفات استسلام وخضوع لوضعٍ سائدٍ في المجتمع خاصة الوالدين، بينما ترى أخريات أنه اختيارٌ يتناسق مع متطلبات الفطرة السليمة، وأن الإحتكام للدين تغييرٌ للأفضل.
• تعيش بعض النساء تناقض يمكن أن يزول بالوعي والإدراك عندما ينسحب الإسلام على تعاملها ولا يبقى محصوراً في عبادتها.
• مفهوم التديّن عند عددٍ قليل لا يتعدى كونه صدى لمفهوم التديّن في المجتمعات الغربية، نظراً للانفتاح الإعلامي واستيراد ثقافة الغرب قصراً أو طواعية نتيجة غياب الوعي ورواج الأعراف الجائرة.
• ما تعاني منه الأمة الإسلامية اليوم ينعكس على مستوى التديّن عند المرأة الأردينة بأن أحدث نوعاً من الأزمة الفكرية لا يمكن التخلص منها إلا بالعودة إلى تعاليم الدين الصحيحة من مصادرها الرئيسة القرآن والسنة.
• يرافق مفهوم التديّن عند المرأة المتعلمة سلوكات بعيدة عن روح الإسلام وتقاليد المجتمع، تفسره هي بالإسلام المنفتح مثل الجلوس مع زملاء الجامعة أو العمل لغير ضرورة أو حاجة علمية، والمشاركة في الرحلات الترفيهية المختلطة والانفتاح على أشكال الحجاب المختلفة المستوردة مثل شكل الحجاب التركي والإيراني والخليجي وحجاب دور الأزياء العالمية.
• ضرورةُ تغيير الخطاب الديني بما يناسب العصر دون المساس بالثوابت الدينية مطالبةُ العديد من نساء الاستطلاع، كما يرون أنه قد حان الوقت – نظراً لصعوبة الفترة – أن يتحمل جميع العلماء والفقهاء مسؤوليتهم في توضيح مفاهيم الدين وأن يُفتح المجال أمام المرأة المؤهلة لتأخذ دورها.
• دعا العديد إلى ضرورة استخدام تقنيات العصر الحديث في الدعوة إلى الله.
• ومن أهم الملاحظات وضوحاً تأثر التديّن بالتحديات الخارجية بدءاً من الاستعمار ومروراً بالغزو الثقافي المنظم ووصولاً إلى العولمة، كما ظهر التأثر بالتحديات الداخلية المتمثلة بالتيارات العلمانية الداعية إلى تحرر المرأة من قيمها الدينية وتحدي الواقع المتخلف المتشبث بالكثير من الأعراف الجائرة والتقاليد البالية التي أصبح لها قوة الأحكام الدينية، ولا يغيب عن البال التحدي الذاتي وهو غياب الوعي والفكر عند بعض النساء مما يستدعي ضرورة إعادة النظر في آلية توعية المرأة دينياً بما يناسب مستجدات العصر.
• ارتباط المرأة الأردنية بتعاليم الدين لا جدال فيه رغم ما يخالطه من ممارسات لطقوس لا تمت للدين بصلة من الشعوذة والتوسل بالأولياء وقراءة الكف والفنجان وهذه الطقوس عند غير المتزوجات أوضح وأقوى.
توصـــيات
ضرورة تضافر جهود جميع المؤسسات الدينية والإجتماعية لتعزيز مفهوم الالتزام الديني للمرأة بصورة متوازنة تتمسك بالأصالة والثوابت والمحافظة على ثقافة الأمة وتواكب المعاصرة.
توعية المرأة الأردنية بحقوقها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية لتفادي الخلط بين العادات والتقاليد وتعاليم الدين.
حرص المنابر الدينية على تغيير الخطاب الديني بما يناسب روح العصر دون المساس بالثوابت لتوضيح مفهوم التدين وبيان حقيقته البعيدة عن التعصب والهوى.
قيام المنابر الدينية والإعلامية بواجبها تجاه الدين بتنقيته مما علق فيه من أدران التقاليد والأفكار المستوردة، وبيان حقيقة التعاليم للتفريق بينها وبين الطقوس.
تفعيل دور المؤسسات الدينية في جميع الميادين للعمل على عدم الخلط بين التعاليم الدينية والطقوس الموروثة من خلال الإهتمام بالتدريب والتأهيل وطباعة المنشورات.
التأكيد على تفعيل دور الدين الصحيح في التعامل مع المرأة للوصول إلى التدين المنسجم مع روح ونصوص الشريعة.
عقد ورشات تدريبية لتأهيل عدد من النساء المتعلمات يقوم بها علماء ومختصون ليقمن بواجبهن التوعوي تجاه المرأة عموماً.
إبراز أثر الدين الصحيح في مفهوم التدين وممارسة المظاهر الدينية.
لابد من عقد المزيد من المؤتمرات والندوات لبحث العديد من القضايا المتعلقة بمفهوم التدين.
ابحث
أضف تعليقاً