واشنطن - حين دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تصريحاته المؤيدة بناء مركز إسلامي في نيويورك قرب موقع الهجمات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة العام 2001، بدا الأمر وكأنه "عدم تقدير" من الرئيس لعواقب موقفه هذا لاسيما أن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس على الأبواب وهو ما سينعكس على مرشحي حزبه الديمقراطي، مثلما رآه آخرون أنه التزام آخر بقيم الدستور الأميركي حتى وإن بدا "مثاليا" أكثر مما ينبغي وتغيب عنه الحنكة السياسية.
الرئيس قال إنه "ليس نادما" على دفاعه عن حق المسلمين في بناء مسجد قرب موقع اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) العام 2001 في نيويورك، في حديث الى شبكة "أن بي سي" الأميركية خلال لقاء شعبي في ولاية أوهايو، في إشارة الى تصريحه في البيت الأبيض على هامش مأدبة إفطار رمضانية ودافع خلالها عن حق المسلمين في بناء مسجد قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي اللذين دمرا في الاعتداءات الارهابية التي نفذها مسلمون ينتمون الى تنظيم "القاعدة"، مستندا في دفاعه إلى حرية العقيدة والدين وفقا للدستور الأميركي. 
لكن تلك التصريحات أثارت زوابع من التصريحات لا يبدو أنها ستخفت قريبا، فالجمهوريون بمن فيهم المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بالين، كالوا للرئيس أوصافا تبدأ بالتشكيك في معايشته هموم الأميركيين ولا تنتهي بالتشكيك في كونه مسيحيا، مثلما نأى ديمقراطيون بأنفسهم عن رئيسهم خوفا من أن يكون موقفه بعواقب وخيمة على احتمال التجديد لهم في الكونغرس، وهو ما فعله زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد. 
وفي سياق "التشكيك" في مسيحية اوباما، فإن نسبة الأميركيين الذين يرون أن الرئيس باراك أوباما مسلماً، رغم أنه أكد مراراً أنه مسيحي، فإن واحدا من كل خمسة أميركيين يعتقدون أن أوباما يعتنق الدين الإسلامي، مقارنة بنتائج استطلاع آخر جرى العام الماضي، أظهر أن شخصاً من كل عشرة أميركيين يعتقدون أن أوباما مسلم.
وبحسب الاستطلاع الذي أجراه "منتدى بيو للأديان والحياة العامة"، فإن معظم من يقولون إنهم يعتقدون أن أوباما مسلم ينتمون إلى الحزب الجمهوري، إلا أن عدد المستقلين الذين لديهم نفس الاعتقاد، ارتفع بشكل ملحوظ، من عشرة إلى 18 في المائة، من مجموع من لديهم اعتقاد بأن الرئيس الأميركي يدين بالدين الإسلامي.
كما أن نسبة الأميركيين الذين يقولون إنهم غير متأكدين من ديانة أوباما، ارتفعت أيضاً بشكل كبير، حتى بين أفراد القاعدة الشعبية للرئيس الأميركي، فعلى سبيل المثال، فإن ما يقل عن نصف الديمقراطيين والأميركيين من أصول أفريقية، يقولون حالياً إنهم يعتقدون أن أوباما مسيحي.
دفاع أوباما عن بناء مسجد باسم "حرية المعتقد"، التي يكفلها الدستور الأميركي بقوله: إن الالتزام بالحريات الدينية، من دون استثناء، من السمات المميزة للولايات المتحدة، يراه معلقون أنه من واجبات الرئيس تجاه الدستور والمواطنين الذين يخدمهم، بما في ذلك ملايين المسلمين والدفاع عن حقوقهم كأميركيين، وبالتالي فإنه كان من الصعب عليه أن يقول لملايين الأميركيين (المسلمين) إن "المبنى المقدس لديهم يدنس الأرض الأميركية المقدسة، حيث إن ذلك سيفهم على أنه هجوم من الرئيس على معتقدات مواطنيه"، بحسب المعلق مايكل غيرسون الذي اعتبر منع بناء المسجد لو تم فإنه "سيكون صورة غير مسبوقة من صور الطائفية، مما يبعد أحد التقاليد الدينية الكاملة عن التجربة الأميركية. فإذا كان من الممكن بناء كنيسة أو معبد في أحد الشوارع التجارية في جنوب مانهاتن، فإن منع إنشاء المسجد سيكون بمثابة مساواة الإسلام رسميا بالعنف والإرهاب". يذكر أن الرئيس أوباما أكد في مأدبته الرمضانية على ضرورة الفصل بين إرهابيي "القاعدة" والدين الإسلامي، معتبرا أعضاء تنظيم بن لادن "لا علاقة لهم بالدين بل هم إرهابيون قتلة".

حسين الأمير
20/8/2010
منفول عن الرأي الأردنية