اختتام جلسات مؤتمر "تمكين الأسرة.." بمناقشة ثلاث أوراق بحثية
ترأس الجلسة الأخيرة في اليوم الثاني للمؤتمر الأستاذ شيروان الشميراني، كاتب وباحث من كردستان العراق.
افتتحت الجلسة الثانية والأخيرة، الأحد بورقة بحثية قدمها الإعلامي الأردني، جرير مرقة "دور الإعلام في تشكيل مفاهيم الأسرة في المجتمع".
استهل الباحث ورقته بتدقيق النظر في مفردات العنوان (الإعلام، الأسرة، المجتمع) إن كانت ما زالت تحمل نفس التعريفات والدلالات المتداولة من قبل ليخلص إلى القول بأن تلك "المصطلحات التي فرضت نفسها منذ أن عرف العالم ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لم تعد هي التعريفات نفسها لكل مصطلح على حده".
ولفت إلى أنه "اعتمد منهجية التحليل في هذا البحث، على أساس عدم التسليم بالمرتكزات التي يمكن الاستناد إليها من أجل أن يتولى الإسلام مسؤوليته في تشكيل مفاهيم الأسرة في المجتمع، لأن الاعتماد على المسلمات بهذه الكيفية ستجعلنا نبني الخطط على فرضيات وكأنها لا تزال قائمة، وهي في الحقيقة ليست كذلك".
وأضاف "لقد تجاوز الزمن معظم نظريات الإعلام والاتصال وعلم النفس وعلم الاجتماع التي كانت تستخدم كلها من أجل ايصال الرسائل، وتتلقى رجع الصدى على أفضل وجه، ومن أجل فهم هذه التغيرات بما يساعد على إعادة النظر في عمليات توجيه الأسرة، وتعميق دورها في البناء، فلا بد من فحص أدوات تلك المهمة على ضوء معرفة التغيرات التي شملت العناوين الثلاثة".
وأكدّ الإعلامي مرقة على أن ما "نعيشه اليوم بكل التغيرات التي حدثت فيه، وكل التطورات التي قد تحدث لاحقا لا يجوز أن يجعلنا واقفين في الظل، ولا يجوز أن يجعلنا غير قادرين على استيعاب عالمنا الذي نعيش فيه كما هو، وأقول الاستيعاب بدل المواجهة في حرب خاسرة، ففي مقابل السلبيات التي نتحدث عنها هناك من الايجابيات ما لا حصر له من استخدامات لشبكات الانترنت وتطبيقاتها ومواقعها المختلفة".
ورأى أن "الإعلام مطالب بإيجاد أنماط جديدة في التفكير، ومن البرامج والمقالات وحتى النماذج التطبيقية لإعادة شمل الأسر، وتعظيم اهتمام العائلات بالمعارف والعلوم، والعلاقات الإيجابية، والتفاعل مع الشعوب الأخرى، والرأي العام العالمي في الشوؤن التي تتعلق بقضايانا الوطنية والقومية، وإجلاء الصورة الناصعة لديننا الحنيف، وشمائلنا الإنسانية والأخلاقية، وتحويل الاتجاه من حالة الخوف والوهن والتشتت إلى حالة التصدي والثقة بالنفس وغير ذلك من الأهداف التي يمكن العمل عليها من خلال استراتيجيات موضوعة".
وتناولت الأكاديمية والباحثة السعودية، الدكتورة بسمة جستنية، في ورقتها المعنونة بـ"الهجرات والحروب والتحديات الاقتصادية وأثرها على استقرار الأسرة" ما "تشهده المنطقة العربية من تراكب غير مسبوق بين الحرب/ العنف المنظّم، والهجرة/النزوح واسع النطاق، والضغوط الاقتصادية (بطالة، تضخم، تآكل الدخل، اختناقات لوجستية".
وأضافت "هذا التراكب لا ينتج أزمات متجاورة فحسب؛ بل يؤسس لـحلقة تغذية راجعة تحول الهشاشة الأسرية من حالة طارئة إلى بنية مزمنة تؤثر في التماسك النفسي، الاجتماعي، الاستقرار المعيشي، ووظائف الرعاية والتنشئة والتعليم".
وأوضحت أن الورقة "تهدف إلى تفكيك أثر الحرب والهجرة والضغط الاقتصادي على استقرار الأسرة عبر مراجعة مفاهيمية – تحليلية (2025 – 2019)، مع نماذج عربية مقارنة (فلسطين، سوريا، اليمن، السودان) ، ولا تتضمن الورقة شقا ميدانيا أو استبيانا، بل تدمج أدبيات عربية وأممية حديثة لإنتاج نموذج تفسيري وحزمة سياسات قابلة للتنفيذ".
ووفقا للباحثة فإن الورقة تجيب عن مجموعة من الأسئلة من أبرزها: كيف تُضعف الحروب التماسك النفسي الاجتماعي داخل الأسرة؟ كيف تُعيد الهجرة الداخلية والخارجية تشكيل بنية الأسرة ووظائفها؟ وما أثر تحديات الدخل والبطالة والتضخم على الاستقرار المعيشي؟ ما استراتيجيات الصمود والتكيّف الممكنة على مستوى الأسرة والمجتمع؟
وتخلص الورقة إلى مجموعة من النتائج في مختلف الجوانب والمجالات: النفسية والاجتماعية والاقتصادية، كما ترصد انعكاس وتأثير الحروب والهجرات والتحديات الاقتصادية على الأسرة وتماسكها واستقرارها.
أما الورقة البحثية الختامية فأعدتها الأكاديمية الأردنية، الدكتورة يسرى العرواني، بعنوان: "دور المؤسسات النسوية في تعزيز مفهوم الأسرة". في مستهل ورقتها توقفت الباحثة عند مفهوم الأسرة بين ما كانت عليه في عقود سابقة وبين ما آلت إليه في واقعنا المعاصر وما داخل ذلك من تغيرات وتبدلات في السنوات اللاحقة.
أما مفهوم النسوية فأكدت الباحثة أنها تعني بذلك "المؤسسات النسوية الوطنية المنبثقة من قوانيننا وتديرها فضليات بنات وطننا، حتى لا يظن ظان أننا نتحدث من قريب أو بعيد عن تلك المنظمات التي لا نوافقها فكرا ولا هدفا ولا طريقة".
وأضافت "ولا ننكر أن المؤسسات النسوية الوطنية شكلت قوى ضغط لدعم موقف المرأة ومساندتها لإقرار التشريعات المتعلقة بها، ويسجل لها ولمؤسسات الدولة عموما إنصاف المرأة وإعطائها مزيدا من الحقوق وخاصة في الجانب السياسي المتمثل بقانوني الأحزاب والانتخاب، وقانون الإدارة المحلية من خلال الكوتا النسائية التي ضمنت لها حدودا دنيا، ونسب مضمونة في أعداد المقاعد التي يجب أن تشغلها المرأة".
وأكدّت أن "المنتدى العالمي للوسطية اهتم بشأن المرأة فقد أولى قطاع المرأة جل عنايته إذ شكّل لجنة المرأة التي تقوم بالعديد من النشاطات واللقاءات التعريفية والتوعوية والتثقيفية بحضور ومشاركة الباحثين والمختصين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وقد لها الدعم الذي تستحق".
وفي ختام الجلسة جرى حوار تفاعلي، قدم فيه الحضور مداخلات متنوعة، وأثاروا جملة من الأسئلة التي ساهمت في إثراء القضايا التي بحثتها وناقشتها الأوراق المقدمة في الجلسة.
ابحث
أضف تعليقاً