افتتاح الجلسة الأولى من مؤتمر "تمكين الأسرة.." بثلاث أوراق بحثية
ترأس الجلسة الأولى وأدارها اللواء فاضل الحمود عضو مجلس الأعيان الأردني.
انطلقت جلسة المؤتمر الأولى بورقه بحثية قدمتها الدكتورة هند الحمادي من جامعه قطر بعنوان "دور المؤسسات التربوية والجامعات في بناء أسرة مستقرة".
أكدّت الدكتورة هند في ورقتها أن "الإسلام اهتم بالأسرة اهتماما كبيرا لما لها من دور وتأثير على جميع نواحي الحياة الإنسانية، والزواج كسبب لتكوين الأسرة مرتبط بتحقيق مقاصد كبرى وغايات عظمى بينها الشريعة الإسلامية السمحاء، التي نظرت إليه نظرة سامية فيها توازن واعتدال بين جوانبه المادية والروحية بما يحقق مقتضيات تلك المقاصد".
وأضافت "وفي ظل التحديات التي تتهدد مؤسسة الزواج، ومع انتشار صور زيجات لا تتحقق بها المقاصد التي أرادها الشارع الحكيم، وإن كانت في ظاهرها صحيحة، مثل زواج كبار السن من فتيات في مقتبل العمر لأهداف وغايات بعيدة عن المنهج الذي أرشد إليه الإسلام، يتوجب إعادة النظر في مثل هذه الزيجات بما يحفظ مؤسسة الزواج من العبث الذي يهدد كيان الأسرة ويقوض أسس المجتمع".
ولفتت الباحثة إلى أن "ظاهرة زواج الفتيات من كبار السن (أصبح موضة عصرية trend) تتناقله أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتولد عنه الكثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية منها ما يرتبط بالميراث وتوزيع التركات، وهو ما يفرض على المشرّع إعادة النظر في القوانين الحالية، ليس باتجاه منع ما أحل الله من "الزواج" ولكن من باب تقييد المباح، ووضع اشتراطات وضوابط للحد من المشكلات التي تترتب على هذا النوع من الزواج تحقيقا لمقاصد الشريعة".
ومن أبرز النتائج التي توصلت إليها الباحثة في ورقتها، والتوصيات التي خلصت إليها:
وجود ظاهرة غير صحية في المجتمع القطري والمجتمعات العربية والإسلامية وهي زواج الفتيات من المسنين الأثرياء (sugar daddy) بهدف الوصول الى الثراء السريع.
بعض قوانين الأسرة المستمدة من القوانين الشرعية قد لا تتماشى مع مستجدات العصر والتحولات الاجتماعية المعاصرة (مع الإيمان بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان)، فهي قوانين وضعيه لها قيمتها، ولكن قد تحتاج إلى تطوير وتحسين في ظل الأصول الثابتة، للحفاظ على حقوق الزوجة الأولى والأبناء بما يضمن سلامة الأسرة والمجتمع، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
من المعلوم أن الكثير من الأمور الاجتماعية لها خصوصيتها حسب البيئة التي نشأت فيها، فلقد اقتضت سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يكونوا مختلفين، ولذلك نجد أن الثقافات تختلف من مجتمع لآخر ومن أسرة لأخرى ومن فرد لآخر، فكل إنسان هو كينونة خاصة، لذلك وحفظا للحقوق وتحقيقا لمقاصد الشريعة الإسلامية يمكن اللجوء الى تقييد المباح إذا كان فيه مصلحة للناس ودفع الضرر عنهم.
الورقة الثانية أعدها الباحث الإعلامي الدكتور عامر الصمادي، بعنوان "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية والفجوة الرقمية داخل الأسرة".
أوضح الباحث الصمادي أن ورقته البحثية تهدف إلى "تحليل التأثيرات المتعددة لوسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة العربية عامة، مع تركيز خاص على الأسرة الأردنية".
وناقش موضوع الورقة من خلال عدة محاور، من أهمها ما ذكره في المقدمة العامة: تطور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها في العالم العربي، وأهمية الأسرة كوحدة أساسية في المجتمع العربي، وبيان أهداف الورقة البحثية ومنهجيتها.
وفي تتبعه ورصده لواقع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، أورد إحصائيات حول استخدام الشباب الأردني لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت دراسة أن 74،6% من الشباب الجامعي يستخدمون هذه الوسائل بشكل دائم.
وفيما يتعلق بالتأثيرات الإيجابية على الأسرة ذكر عدة نقاط: تعزيز التواصل بين أفراد الأسرة الممتدة، وتبادل المعلومات والموارد التعليمية، ودور وسائل التواصل في دعم العلاقات الأسرية خلال الأزمات.
أما التأثيرات السلبية على الأسرة فهي كما جاء في الورقة "ضعف التواصل الوجاهي بين أفراد الأسرة، وتراجع القيم الأسرية التقليدية، وزيادة النزاعات الأسرية بسبب سوء استخدام وسائل التواصل، وارتفاع نسب الطلاق نتيجة للعلاقات خارج إطار الزواج التي تُبنى عبر هذه الوسائل، حيث أظهرت دراسة أن هناك علاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماع وارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الأردني.
وخلص إلى جملة من التوصيات، من أهمها: تصميم برامج توعوية للأسرة حول الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل، وتشجيع الحوار الأسري المنتظم حول تحديات العالم الرقمي، وتطوير سياسات وطنية لدعم الأسرة في مواجهة التأثيرات السلبية لوسائل التواصل.
وتناولت الورقة الختامية للجلسة "التحديات التي تواجه بناء الأسرة في البيئات المتغيرة" قدمها الدكتور حمود عليمات.
أوضح الدكتور عليمات في مستهل ورقته أن ورقته تهدف إلى "دراسة التحديات المستمرة والمتطورة التي تواجه الأسرة الغربية، وتتبع تطور الضغوطات في العقود الأخيرة، والتي انتقلت من الاهتمام بالنواحي السكانية في المقام الأول إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية متعددة الأوجه، والتحديات الناتجة عن الاختلالات القيمية والتنوع الثقافي ومستتبعاته".
وعن منهجية البحث بيَّن أن الورقة البحثية استخدمت مصادر حديثة متعددة منها نواتج مسوحات الأسر الدورية في أمريكا، وتقارير مختلفة ومقالات علمية، وما توفر من البيانات، لرصد التحولات الاقتصادية والاجتماعية الثقافية، وتأثيراتها على الأسرة تكوينا ووظيفة".
وخلص الباحث عليمات في ورقته إلى جملة من الاستنتاجات جاءت على النحو الآتي: كان التحدي المركزي في تسعينيات القرن الماضي هو قبول التنوع الأسري، والذي أدَّى حاليا إلى تعقيدات كيفية دعم أشكال الأسرة المتنوعة بشكل مستدام وسط انعدام الأمن الاقتصادي الكبير والاضطراب التكنولوجي والاستقطاب السياسي في العقود الحالية، ويزيد التشرذم السياسي، تعقيد الاستجابة المناسبة لتلك التحديات، والتي في جوهرها قبول قيم وممارسات تضاد الفطرة الإنسانية، وتفرض على الناس من قوى ذات تأثير وأجندات خاصة".
أما التوصيات فاتجهت إلى "تقديم توصيات ومقترحات ذات طبيعة إنسانية عامة، بما فيها تحسين السياسات والبرامج الداعمة للأسرة والتي تعترف بالفطرة الإنسانية، وما أجمعت عليه الرسالات السماوية وما عززته التجربة البشرية".
وفي ختام الجلسة الأولى دار حوار تفاعلي، شارك الحضور في تقديم مداخلات متنوعة، وطرح جملة من الأسئلة التي أثرت الموضوعات والقضايا المثارة في محاور الجلسة، والأوراق البحثية المقدمة فيها.
ابحث
أضف تعليقاً